من نفس عن مؤمن كربة

  محيط البوك المادة

من نفس عن مؤمن كربة
   اضافة للمفضلة

 الزوار : 9515   الإضافة : 2009-03-20

شرح الأربعين النووية مع الاستماع الى الحديث : من نفس عن مؤمن كُربة

الحديث السادس والثلاثون

  الملف بصيغة MP3 - حجمه - 314.6 KB

 

حديث : من نفس عن مؤمن كُربة

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا ، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، ومن يسّر على معسر ، يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة ، ومن ستر مؤمنا ستره الله في الدنيا والآخرة ، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ، ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما ، سهل الله له به طريقا إلى الجنة ، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم ، إلا نزلت عليهم السكينة ، وغشيتهم الرحمة ، وحفتهم الملائكة ، وذكرهم الله فيمن عنده ، ومن بطّأ به عمله ، لم يسرع به نسبه ) رواه مسلم .

الشرح

عُني الإسلام بذكر مكارم الأخلاق والحث عليها ، وجعل لها مكانة عظيمة ، ورتّب عليها عظيم الأجر والثواب ، ومن ذلك هذا الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه .

لقد حثّنا النبي صلى الله عليه وسلّم في أوّل وصيّته على تنفيس الكرب عن المؤمنين ، ولا ريب أن هذا العمل عظيم عند الله ، عظيم في نفوس الناس ، إذ الحياة مليئة بالمشقات والصعوبات ، مطبوعة على التعب والكدر ، وقد تستحكم كربها على المؤمن ، حتى يحار قلبه وفكره عن إيجاد المخرج .

وحينها ، ما أعظم أن يسارع المسلم في بذل المساعدة لأخيه ، ومد يد العون له ، والسعي لإزالة هذه الكربة أو تخفيفها ، وكم لهذه المواساة من أثر في قلب المكروب ، ومن هنا ناسب أن يكون جزاؤه من الله أن يفرّج عنه كربة هي أعظم من ذلك وأشد : إنها كربة الوقوف والحساب ، وكربة السؤال والعقاب ، فما أعظمه من أجر ، وما أجزله من ثواب .

ومن كريم الأخلاق : التجاوز عن المدين المعسر ، فقد حث الشارع أصحاب الحقوق على تأخير الأجل للمعسرين وإمهالهم إلى حين تيسّر أحوالهم ، يقول الله عز وجل : { وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة } ( البقرة : 280 ) ، وأعلى من ذلك أن يُسقط صاحب الحق شيئا من حقه ، ويتجاوز عن بعض دينه ، ويشهد لذلك ما رواه البخاري و مسلم عن أبي هريرةرضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( كان رجل يداين الناس ، فكان يقول لفتاه : إذا أتيت معسرا فتجاوز عنه ؛ لعل الله أن يتجاوز عنا ، فلقي الله فتجاوز عنه ) .

ثم يحث الحديث على ستر عيوب المسلمين ، وعدم تتبع أخطائهم وزلاتهم ، وذلك لون آخر من الأخلاق الفاضلة التي تكلّلت بها شريعتنا الغرّاء ، فالمعصوم من عصمه الله ، والمسلم مهما بلغ من التقى والإيمان فإن الزلل متصوّر منه ، فقد يصيب شيئاً من الذنوب ، وهو مع ذلك كاره لتفريطه في جنب الله ، كاره أن يطلع الناس على زلَله وتقصيره ، فإذا رأى المسلم من أخيه هفوة فعليه أن يستره ولا يفضحه ، دون إهمال لواجب النصح والتذكير .

وقد جاء في السنة ما يوضّح فضل هذا الستر ، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من ستر عورة أخيه المسلم ستر الله عورته يوم القيامة )رواه ابن ماجة ، في حين أن تتبع الزلات مما يأنف منه الطبع ، وينهى عنه الشرع ، بل جاء في حقه وعيد شديد ، روى الترمذي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فنادى بصوت رفيع فقال : ( يا معشر من قد أسلم بلسانه ، ولم يفض الإيمان إلى قلبه ، لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ، ولا تتبعوا عوراتهم ، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته ، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله ) .

ولما كان للعلم منزلة عظيمة ، ومكانة رفيعة ؛ جاء الحديث ليؤكد على فضله وعلو شأنه ، فهو سبيل الله الذي ينتهي بصاحبه إلى الجنة ، والمشتغلون به إنما هم مصابيح تنير للأمة طريقها ، وهم ورثة الأنبياء والمرسلين ، لذلك شرّفهم الله تعالى بالمنزلة الرفيعة ، والمكانة عالية ، فعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم ، وإنه ليستغفر للعالم من في السماوات والأرض حتى الحيتان في الماء ، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب ) رواه أحمد ، فهم أهل الذكر ، وهم أهل الخشية ، وشتان بين العالم والجاهل .

وأولى ما يصرف العبد فيه وقته : تعلم القرآن ونشر علومه ، كما جاء في الحديث الصحيح :( خيركم من تعلّم القرآن وعلمه ) ، وهذه الخيرية إنما جاءت من تعلّق هذا العلم بكلام الله تعالى ، وشرف العلم بشرف ما تعلق به .

ثم لك أن تتأمل ما رتبه الله من الأجر والثواب لأولئك الذين اجتمعوا في بيت من بيوت الله تعالى ؛ يتلون آياته ، وينهلون من معانيه ، لقد بشّرهم بأمور أربعة : أن تتنزّل عليهم السكينة، وتعمهم الرحمة الإلهية ، وتحيط بهم الملائكة الكرام ، والرابعة - وهي أحلاها وأعظمها - : أن يذكرهم الله تعالى في ملأ خير من ملئهم ، ويجعلهم محل الثناء بين ملائكته ، ولو لم يكن من فضائل الذكر سوى هذه لكفت .

على أن تلك البشارات العظيمة لا تُنال إلا بجدّ المرء واجتهاده ، لا بشخصه ومكانته ، فلا ينبغي لأحد أن يتّكل على شرفه ونسبه ؛ فإنّ ميزان التفاضل عند الله تعالى هو العمل الصالح ، فلا اعتبار لمكانة الشخص إن كان مقصّرا في العمل ، ولذا يقول الله عزوجل في كتابه : { فإذا نُفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون } ( المؤمنون : 101 ) ، وهذا رسول الله صلّى الله عليه وسلم لم يغن عن أبي طالب شيئا ، ولقد جسّد النبي صلى الله عليه وسلم هذا المعنى في كلمات جامعة حين قال : ( ومن بطّأ به عمله ، لم يسرع به نسبه ) .



 
          مواضيع ذات صلة  

  محيط البوك التعليقات : 0 تعليق

  محيط البوك إضافة تعليق


9 + 1 =

/300
  محيط البوك جديد شرح الاحاديث مع الاستماع اليها

حديث إنك ما دعوتي - الأربعين النووية استماع
لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا - الأربعين النووية استماع
كن في الدنيا كأنك غريب - الأربعين النووية استماع
رفع عن أمتي الخطأ - الأربعين النووية استماع
من عادى لي وليا - الأربعين النووية استماع
  صورة البلوك اعلانك يحقق أهدافك
  صورة البلوك مكتبة الصوتيات الاسلامية
  صورة البلوك السيرة النبوية وحياة الصحابة

  صورة البلوك google_ashefaa

  صورة البلوك صور الاعشاب

  صورة البلوك الاطباق

  صورة البلوك جديد دليل المواقع