مشاهد من الأوضاع غير السليمة داخل سجن رومية

  محيط البوك الخبر

  طباعة  
مشاهد من الأوضاع غير السليمة داخل سجن رومية

   الكاتب :

 

 الزوار : 3047   الإضافة : 2009-08-26

 

ليس ثمة خلاف على أن سجن رومية يعاني من أوضاع شاذة. ولعل من حسنات محاولة الهروب الفاشلة أخيراً أنها فتحت النقاش العلني في واقع السجون في لبنان عموماً.

مشاهد من الأوضاع غير السليمة داخل سجن رومية:
محاولات للهرب سبقت عملية الفرار الفاشلة

المستقبل - الاربعاء 26 آب 2009 - العدد 3404 - شؤون لبنانية - صفحة 5

فادي شامية

ليس ثمة خلاف على أن سجن رومية يعاني من أوضاع شاذة. ولعل من حسنات محاولة الهروب الفاشلة أخيراً أنها فتحت النقاش العلني في واقع السجون في لبنان عموماً.


أوضاع شاذة داخل السجون

تعاني السجون - ولا سيما أكبرها سجن رومية -، من الاكتظاظ الناتج عن التعسف في استعمال القضاة حقهم في التوقيف الاحتياطي في أحيان كثيرة، وسوء أو حسن معاملة المساجين والموقوفين بناءً للنفوذ والمال، وفقدان السجون وظيفتها الإصلاحية، ودخول الممنوعات ولا سيما المخدرات إليها، وكثرة المشاكل بين المساجين، واحتمال تكرر محاولات الهرب، وغير ذلك من الأوضاع غير السليمة.


يضاف إلى هذا الواقع المزري أن المساجين والموقوفين في السجون الكبرى يتأثرون بالانقسامات الطائفية والمذهبية والسياسية، ما يؤدي إلى مشاحنات بينهم، وأحياناً إلى تضارب.

ففي مطلع العام الجاري تعرّض عدد من السجناء للضرب من قبل سجناء آخرين من طائفة أخرى في مبنى الأحداث في رومية، أثناء نقلهم من قسمهم إلى مبنى الأحداث، في إطار خطة لجأت إليها إدارة السجن لإحباط إمكانية التحضير لفرار ما، لكن وبما أن الأمر أخذ أبعاداً طائفية، فقد اضطرت الإدارة إلى وضع المنقولين من الموقوفين في المبنى (د) الذي لا يتمتع بحماية أمنية كافية.


كما أن نقص العديد، والاعتماد على مجنّدين، سهّل أكثر من مرة إمكانية الإخلال بأمن السجن. أبرز ما حدث في هذا الإطار أخيراً، إقدام السجين فوزي شحرور، المحكوم بجرائم سلب ومخدرات، على قيادة عملية شغب في رومية بتاريخ 9/8/2009، وبالتعاون مع تسعة موقوفين آخرين، "بعدما استدرج أحد المجندين وهدده بوضع آلة حادة على رقبته من داخل زنزانته، هي عبارة عن مسكة ركوة قام شحرور بسنّها جيداً، ثم عمد الى سحب مفاتيح الزنزانات من المجند، وأقدم على فتح 21 زنزانة"، ثم عمد إلى إضرام النيران في الطابق المذكور. (ادعى على المشاغبين مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية قبل يومين). ولعل زيارة واحدة لسجن رومية اليوم تكفي لاكتشاف سيطرة فئات محددة على طوابق محددة في السجن، تحت غطاء نظام الشاوشية المعمول به في السجون.


... ومحاولات الفرار
ثمة أمر آخر تعاني منه السجون، وهو محاولات الفرار، الفاشلة وغير الفاشلة، التي حصلت في الفترة الأخيرة في أكثر من سجن في لبنان.


من الناحية الأمنية يعتبر سجن رومية من السجون الجيدة أمنياً، لكن ذلك لم يمنع مجموعة من "فتح - الإسلام" من التفكير بتنظيم عملية فرار دموية، قبل أقل من عام، أحبطت بعدما أبلغ أحد المساجين الإسلاميين (و.ع) الرائد المسؤول عن السجن بخطة يعدها البعض للفرار من السجن، فاتخذ الضاط المعني إجراءاته وأبعد هؤلاء عن بقية المساجين، ونالوا نصيبهم من العقاب. لكن التفكير في الهروب استمر، وقد عاود بعض موقوفي "فتح - الإسلام" التفكير في محاولة الهروب من المبنى (ب) المحاط أمنياً بشكل جيد، وقد علمت "لجنة أهالي الموقوفين الإسلاميين" بما يجري التحضير له عبر أحد السجناء، فتعاونت مع إدارة سجن رومية في إحباط ما كان يخطط له هؤلاء على وجه التحديد، وقد تدخلت فرقة من الفهود يومها لنقلهم الى غرف ومبانٍ أخرى.


ويؤكد أحد الناشطين في "لجنة أهالي الموقوفين الإسلاميين" هذه المعلومات، ويوضح قائلاً: "نحن نعتبر أي عملية هروب ضربة كبرى لنا، وبالأساس فإن جهدنا مركز على تحسين ظروف العدالة للموقوفين الإسلاميين، الذين لم يتورطوا في قتال الجيش اللبناني، وهم الأكثر عدداً على كل حال، وهؤلاء بعضهم موقوف احتياطياً بجنحة فيما أمضى حتى الآن فترة توقيف تزيد عن الحد الأقصى من فترة السجن الذي سيحكم به في ما لو أدين... كما أن العديد من المصنفين على أنهم من فتح الإسلام، يُرجّح أن لا تكون لهم علاقة بالتنظيم المذكور. أما المرتبطون حقيقة بهذا التنظيم فإنهم لا يتعاونون معنا، وبعضهم يعتبرنا مرتدين".


سجن ذوي الخصوصية الأمنية
في ظل هذه الأوضاع الشاذة، أنشىء قسم ذوي الخصوصية الأمنية في سجن رومية، لسببين: الأول هو أن عدد الموقوفين "الإسلاميين" زاد كثيراً، ونظام السجون يقضي بتجميع الموقوفين ذوي القضايا المتشابهة مع بعضهم البعض. أما الأمر الثاني فهو كثرة المشاكل بين الموقوفين "الإسلاميين" وبين بقية الموقوفين والسجناء، لا سيما الموقوفون بجرائم جنائية، وقد أدى هذا الوضع إلى بروز مشاكل طائفية ومذهبية أيضاً، أدت إلى تنابذ وتضارب. فضلاً عن تعرّض موقوفي "فتح - الإسلام" للضرب في رومية من قبل سجناء آخرين بعد وصولهم إلى هناك.
بعد إنشاء القسم المذكور، أصبح الموقوفون "الإسلاميون" يدخلون إلى المبنى (د) ليوم واحد ثم ينقلون إلى سجن ذوي الخصوصية الأمنية، أي المبنى (ب)، وهناك تقوم هيئة رعاية شؤون السجناء في دار الفتوى برعاية هؤلاء وإرشادهم دينياً، لكن ذلك لم يجعل حالهم مميزة وإنما أقل سوءاً. (الموقوف ف.س مثلاً توفي نتيجة المعاملة السيئة، وقد تبين أنه يعاني من مشاكل عقلية، ومع ذلك لم تره ابنتاه منذ توقيفه إلا عندما أخرج من رومية جثة هامدة!).


في نهاية العام 2007 حصلت حادثة تمزيق المصاحف. الأخطر أنها حصلت بأيدي سجناء وسجانين، وقد انتقلت أخبارها إلى خارج السجن، ما أدى إلى فتح تحقيق أقيل بنتيجته الضابط المسؤول (غ.ح). وعقب هذه الحادثة تحسنت أوضاع الموقوفين في المبنى (ب)، إلى أن وقعت حادثة الفرار الأخيرة، حيث عادت الأجواء السلبية لتخيم على علاقة الدرك والموقوفين، ما اضطر دار الفتوى للتدخل لدى إدارة سجن رومية لتنظيم حق الموقوفين في تناول الطعام وقت الإفطار خلال شهر رمضان الجاري.


في العلم الجنائي يفترض أن يشكل السجن المحطة الأخيرة في منظومة العدالة، وأن يتجاوز دوره العقاب والردع إلى الإصلاح. هذا من حيث الأصل، لكن من حيث الواقع فإن سجوننا تحتاج الكثير لتكون كذلك، أو إن شئنا الدقة فإنها تحتاج لكثيرٍ من الجهد حتى لا تكون - كما هي اليوم - مكاناً لإعادة إنتاج الجريمة والمجرمين!.


 
          مواضيع ذات صلة  

  محيط البوك التعليقات : 0 تعليق

  محيط البوك إضافة تعليق


2 + 1 =

/300
  صورة البلوك اعلانك يحقق أهدافك
  صورة البلوك مكتبة الصوتيات الاسلامية
  صورة البلوك السيرة النبوية وحياة الصحابة

  صورة البلوك google_ashefaa

  صورة البلوك صور الاعشاب

  صورة البلوك الاطباق

  صورة البلوك جديد دليل المواقع