حزب الله يحاصر نفسه شعبياً!

  محيط البوك الخبر

  طباعة  
حزب الله يحاصر نفسه شعبياً!

   الكاتب :

 

 الزوار : 2521   الإضافة : 2011-03-31

 

أطاح الحزب بحكومة الرئيس سعد الحريري؛ مهللاً لنصر لم تظهر معالمه بعد، خصوصاً مع استمرار عقد تأليف الحكومة بين قوى الفريق الواحد، واختلاف حسابات كل منهم وسط مخاوف جدية من طبيعة المرحلة القادمة، إضافة إلى تزايد الالتفاف الشعبي حول الرئيس سعد الحريري ورموز 14 آذار المسيحيين؛ كما ظهّرته الحشود في كل من بيروت وطرابلس، وسقوط الرهان

في الداخل كما في الخارج:

هكذا يحاصر "حزب الله" يحاصر نفسه شعبياً!

فادي شامية: الخميس,31 آذار 2011 الموافق 26 ربيع الآخر 1432 هـ

لا يملك المراقب لأداء "حزب الله" هذه الأيام، إلا أن يتعجب من إصراره على ارتكاب الأخطاء القاتلة؛ التي يحاصر بها نفسه شعبياً، في الداخل والخارج.

داخلياً

في الداخل؛ أطاح الحزب بحكومة الرئيس سعد الحريري؛ مهللاً لنصر لم تظهر معالمه بعد، خصوصاً مع استمرار عقد تأليف الحكومة بين قوى الفريق الواحد، واختلاف حسابات كل منهم وسط مخاوف جدية من طبيعة المرحلة القادمة، إضافة إلى تزايد الالتفاف الشعبي حول الرئيس سعد الحريري ورموز 14 آذار المسيحيين؛ كما ظهّرته الحشود في كل من بيروت وطرابلس، وسقوط الرهان –الذي روّج له الحزب كثيراً- على اهتزاز علاقة الحريري بالمملكة السعودية (جاء الرد السعودي على عكس الأماني قطعاً للعلاقة مع وليد جنبلاط واهتزازها -على الأقل- مع محمد الصفدي).

يبدو واضحاً اليوم أن إخراج الحريري من رئاسة الحكومة قد حررّه من أعباء ومسؤوليات كانت تستنزف رصيده الشعبي يومياً، وأن النزف قد انتقل فعلياً إلى الحزب وحلفائه؛ إذ لا هو قادر على تحمل نتائج "حكومة مواجهة" –على الأقل بعض حلفائه القدامى أو الجدد غير مستعد لهذه المجازفة-، ولا هو قابل بتشكيل حكومة تلتزم ببيان وزاري شبيه ببيان حكومة الحريري؛ لا سيما في بند المحكمة، فيما حليفه ميشال عون يريدها "حكومة انتقامية"، بما في ذلك اتخاذها قرارات؛ يرجَّح أن تضع لبنان على شفير فتنة كبرى (إقالات في الإدارات العامة والأجهزة الأمنية مثلاً).

"حزب الله" لم يحقق تقدماً في ملف المحكمة، منذ أكثر من شهرين على إسقاطه حكومة الحريري، رداً على صدور القرار الاتهامي؛ بل ازداد الشك الشعبي حوله؛ جراء انسحابه من حكومة ائتلافية للمرة الثالثة على التوالي من أجل الموضوع نفسه (مرتين في حكومتي السنيورة، ومرة في حكومة الحريري). كما لا يبدو أن وضعه اليوم أقوى في مواجهة المحكمة، لأن الأساس في حماية المحكمة هو التأييد الشعبي لها قبل أي شيء آخر، فيما الواضح أن عصب الحركة التي أتت بالمحكمة بات أقوى، وأن ما كان يحاذر الحريري -وقوى 14 آذار- قوله في زمن الوساطة السورية- السعودية تغيّر اليوم.

في ملف السلاح وضعُ الحزب أصعب؛ فبسقوط حكومة الرئيس الحريري سقطت لدى قوى 14 آذار ثلاثية: "الجيش والشعب والمقاومة"، ووصل الأمر –للمرة الأولى بهذا الوضوح- إلى حد رفض السلاح كله؛ دون فصل بين سلاح الداخل وسلاح المقاومة، على أساس أن المقاومة يجب أن تكون تحت إمرة الدولة، وتالياً فإن سلاحها يجب أن تكون إمرته للدولة وحدها، ولو بقي في مخازنه. صحيح أن هذا التصور غير قابل للتطبيق اليوم، لكن النظر إليه من باب صناعة الرأي العام وحشده وتصعيده؛ لا يبدو أنه في صالح الحزب، لا الآن ولا مستقبلاً.

ما سبق كله يرتبط بقرار "خاطئ" -كما يبدو حتى الآن-؛ اتخذه الحزب بإسقاطه حكومة الحريري (يعتقد "حزب الله" أن النتائج العكسية الظاهرة لهذا القرار قابلة للتغيير حالما تتشكل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي)، لكن الأمر لم يقتصر على ذلك؛ ففي مرحلة الاشتباك السياسي المتصاعد منذ إسقاط حكومة الحريري، وقع الحزب في أخطاء تكتيكية كثيرة؛ لعل أبرزها اعتماده ورعايته لفصيلة من الشتامين، الذين تناولوا خصومهم، ولا سيما الرئيس سعد الحريري، بكلمات غير سياسية، ما ولّد حالة تعاطف مع الشخصيات المشتومة؛ أعاق الدعاية السياسية الموجهة لهذا الجمهور من أن تصل إليه.

الأبرز في هذه الصفحة؛ كان انفلات عقال أبرز عناصر فصيلة الشتّامين، بفعل شعوره بالقوة، -استناداً إلى سلاح "حزب الله"- ما أوقعه بكلمات تتعلق بإحدى الفرائض الدينية، "قلبت عليه الدنيا". ولأن "حزب الله"، لا يمكنه أن يتنصل من رعايته لهذه الفصيلة، فقد تحمّل –بالتضامن- نتائجها السلبية عليه.

غير أن الحزب زاد على الخطأ خطأً؛ إذ بدا بعد نحو أسبوع على وصفه وئام وهاب بأنه صاحب "موقع وطني"–في البيان نفسه الذي رفض فيه تعرض وهاب للحجاب-؛ بدا كمن يريد إعادة تلميعه والمرور ببساطة على ما جرى؛ فعرض مهرجاناً لوهاب أطلق فيه الأخير مزيداً من الشتائم في وجه الرئيس الحريري، مصحوبة بزخات من الرصاص بين كل جملة وأخرى، معطياً بذلك كل من يرفض سلاح الحزب حجةً إضافية؛ إذ كيف لمن يريد إقناع الناس بموقفه من السلاح، وبأنه موجه للعدو الإسرائيلي حصراً، وبأنه لا يُستعمل في الداخل، كيف له أن يقدّم هذا النموذج!، وكيف لحزب يرتبط اسمه بالله، ويرفع شعار "أشرف وأطهر الناس" أن يرعى من يطلق أسوء مفردات الشتيمة السياسية! (أقر وئام وهاب في مقابلة تلفزيونية في شهر كانون أول الماضي بأن "حزب الله" هو الذي يقدم الدعم المالي له ولمسلحيه).

خارجياً

خارجياً؛ تبدو أخطاء "حزب الله" أكثر فداحة، على اعتبار أن الفرز الداخلي لا يسمح بتغيير كبير في موازين القوى ولو حدثت أخطاء، لكن على الصعيد الخارجي فإن آثار الأخطاء الإستراتيجية أكثر تأثيراً.

مع بداية الثورات العربية في تونس وانتقالها إلى مصر؛ جنّد "حزب الله" آلته الإعلامية "دعماً" لشباب الثورة على حكم الرئيس مبارك -بالتوازي مع استثمار داخلي مفاده أن رحيل مبارك يعني قرب رحيل حلفائه في لبنان-، لكن إصرار الحزب على إقحام الثورة الخمينية عام 1979 بثورة 25 يناير المصرية، أحدث نقزة عند أبناء الثورة قبل غيرهم؛ فكانت سلسلة ردود –رسائل أبرزها: إعلان "الإخوان المسلمين" أن ثورة شباب مصر "ليست ثورة إسلامية" –رداً منهم على الإمام الخامنئي-، وإعلان شباب الثورة أنهم براء من وجود أشخاص مرتبطين بالخارج "ولديهم مطالب فئوية"، ثم إهدائهم روح ثورتهم إلى "الثورة الخضراء" في إيران!، فضلاً عن دعوتهم الصريحة "ترك ثورة مصر لشباب مصر". وهكذا بدل أن يتعزز حضور "حزب الله" بسقوط الرئيس مبارك، خلّفت طريقة دعمه للثورة في مصر استياءً شعبياً؛ تعكسه اليوم أغاني الثورة وأناشيدها.

"الخطأ الإستراتيجي" الثاني جاء على خلفية وضع "حزب الله" ثقله -بما في ذلك أمينه العام- وراء ما يسميه ثورة في البحرين. إشكالية هذا الموقف على "حزب الله"، -ومن دون الغوص في تحليل أو توصيف ما يجري في البحرين- أن الشارع الخليجي كله لا يرى وجود "ثورة" في البحرين، بل "فتنة" مذهبية –سواء عن حق أو غير حق- وعليه؛ فإن انغماس الحزب بقوة في دعم المحتجين هناك؛ يسبغ –وقد أسبغ بالفعل- على إعلامه وسياسته الصفة المذهبية، التي حرص سنوات على إخفائها في مخاطبته الشعوب العربية. وقد خلّف الاستياء من موقف الحزب ووصفه، "قوات درع الجزيرة" التي دخلت إلى البحرين -بطلب منها- "قوات احتلال"، إلى ظهور كتابات ومواقف سلبية تجاهه بشكل غير مسبوق من الحدة والتوثيق (دوره في البحرين وباقي دول الخليج على سبيل المثال)، بما في ذلك مقالات ومواقف في صحف قطرية، عُرفت دوماً بـ"تفهّم" مواقفه في السابق(اتهام السيد نصر الله في مقال في صحيفة الوطن القطرية بتاريخ 26/3/2011 بأنه أصبح "بطل مسلسل الكذب والتدليس والتزييف" مثلاً)... ولا يخفى أن هذه السياسة قد جرّت أيضاً مآسٍ على اللبنانيين المقيمين في الخليج على وجه العموم، والشيعة منهم على وجه الخصوص.

أما "الخطأ الإستراتيجي" الثالث فهو استعداء "حزب الله" للشعب السوري -الذي عُرف بتعاطفه مع الحزب- من خلال تحوّل إعلام الحزب والإعلام الحليف، إلى جزء من الإعلام الرسمي السوري، في لحظة تتعاظم فيها النقمة على عدم موضوعية هذا الإعلام داخل سورية نفسها، إضافة إلى تجاهل السيد نصر الله الحدث السوري في مهرجان "دعم الثورات العربية"، وصولاً إلى دفاع قيادات ونواب في "كتلة الوفاء للمقاومة" عن النظام في دمشق، أكثر من دفاع النظام عن نفسه، الأمر الذي وسّع النقمة لدى المحتجين في سوريا، لتشمل "حزب الله" أيضاً، وقد بدا هذا واضحاً في بعض الهتافات واللافتات، وفي سرعة قبول الناس في درعا الأخبار -غير المؤكدة حتى الآن- عن وجود عناصر من الحزب تساعد النظام على قمع الاحتجاجات. (هذا عدا أنه يقحم أطرافاً لبنانية فيما يجري في سوريا، من خلال ترويجه أنباء غير صحيحة، وفق ما نقل الإعلام السوري نفسه).

بحصيلة هذه الأخطاء الإستراتيجية؛ مضافاً إليها اهتزاز علاقته المتزايد بـ "الإخوان المسلمين" في العالم، يبدو "حزب الله" كمن يحاصر نفسه، ليس رسمياً -كما كان الحال في السابق-، بل شعبياً هذه المرة، ومن منطقة تمتد من شمال إفريقيا إلى شمال شرق آسيا، مروراً بالخليج العربي. الأغرب في ذلك كله؛ أن إعلام "حزب الله" يقارب الملفات الداخلية والداخلية من منطق الانتصارات "الإلهية" فيعتبر الحصار فتحاً، والنكسة انتصاراً!.


 
          مواضيع ذات صلة  

  محيط البوك التعليقات : 0 تعليق

  محيط البوك إضافة تعليق


3 + 7 =

/300
  صورة البلوك اعلانك يحقق أهدافك
  صورة البلوك مكتبة الصوتيات الاسلامية
  صورة البلوك السيرة النبوية وحياة الصحابة

  صورة البلوك google_ashefaa

  صورة البلوك صور الاعشاب

  صورة البلوك الاطباق

  صورة البلوك جديد دليل المواقع