بعضٌ مما سيكتبه التاريخ عن معمر القذافي!

أقواله ومواقفه تجعل من إسلامه موضع شك:


بعضٌ مما سيكتبه التاريخ عن معمر القذافي!


فادي شامية – مجلة المجتمع – الكويت


ولد في قرية اسمها جهنم في منطقة سرت بليبيا عام 1942. هو معمر ابن قبيلة القذاذفة؛ حاكم ليبيا منذ العام 1969. الشاب الفقير، غريب الأطوار، الذي انتمى مبكراً إلى الجيش الليبي، أصبح بعد انقلابه على عهد الملكية الليبية واحداً من أغنى أغنياء العالم (ثروته تقدر بالمليارات).


 


الطغيان والإجرام


تقلد القذافي الحكم وهو ابن 27 سنة، متأثراً بالمد الناصري، فكانت من أوائل طروحاته الوحدة بين مصر والسودان وليبيا (ثم سوريا)، تحت شعار: الاشتراكية، ما حدا بالرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر بوصفه "الأمين على القومية العربية". ولم تتوقف طروحات الوحدة لدى القذافي بوفاة عبد الناصر، بل ازدادت، في محاولة من العقيد، لإرث الزعيم المصري الراحل؛ فطرح الوحدة مع تونس عام 1974، ومع الجزائر عام 1975، ومع المغرب عام 1984، والوحدة العربية الإفريقية عام 1988... ولأن طروحات الوحدة العربية لم تنجح مع القذافي، فقد توجّه نحو إفريقيا، وأسس عام 1999 تجمع دول الساحل والصحراء، وصار رئيساً له، وخلع على نفسه صفة "ملك ملوك إفريقيا". وقد اتخذ القذافي من مشاريعه الوحدوية، سواء العربية أو الإفريقية، منذ تسلمه السلطة، ستاراً لطروحات وجرائم ارتكبها.    


 


في الطروحات الغريبة؛ اعتبر القذافي أن العدالة الاجتماعية والسياسية لا تتحقق إلا بـ "ديمقراطية الشعب"، المسماة النظرية الثالثة (تمييزاً لها عن النظامين الرأسمالي والشيوعي)، وهي التي سطّرها في "الكتاب الأخضر"، الذي صار دستوراً للبلاد، ورسم شكلاً فريداً لنظام الحكم، وصار بموجبه اسم ليبيا على الشكل الآتي: "الجماهيرية العربية الليبية الديمقراطية الاشتراكية الشعبية"، وقد أضاف لها لاحقاً كلمة "العظمى".


 


أما الجرائم والممارسات الغريبة؛ فقد تمثّلت بعلاقاته بعدد من المنظمات الإرهابية في العالم وما قامت به مخابراته؛ ومن أبرز ذلك: إخفاء الإمام موسى الصدر عام 1978 (شهادة عبد المنعم الهوني)، والتدخل الليبي ما بين 1980 إلى منتصف 1987‏ في تشاد بعد دعم حركة التمرد المعروفة باسم "جبهة التحرير ‏الوطني التشادية (فرولينا)"، وقتل بريطانية من قبل قناص كان في السفارة الليبية في لندن عام 1984، وتفجير ملهى في برلين عام 1986، وتفجير لوكربي عام 1988، ثم تفجير طائرة ليبية فوق بنغازي عام 1992 مات فيها نحو 150 ليبياً، بهدف اتهام الغرب ومقايضته حول جريمة تفجير طائرة لوكربي، وتفجير طائرة الـ "يوتا" الفرنسية عام 1989، ورمي آلاف العائلات الفلسطينية في الصحراء عام 1995 تحت شعار إن "ياسر عرفات صار عنده دولة فليأخذكم إليها"!، ومجزرة سجن بوسليم في طرابلس عام 1996 التي راح ضحيتها 1170 سجيناً قتلوا بالرصاص والقنابل، وقتل نحو 20 مشجعاً رياضياً لأنهم هتفوا ضد فريق ابن القذافي في كرة القدم عام 1996، وسرقة رفات عمر المختار ونقلها عام 2000، ومحاولة اغتيال خادم الحرمين الشريفين عبد الله بن عبد العزيز عام 2003 (أوقفت السعودية رجلين ضالعين بالعملية)، ومحاولة قتل كل ليبي منشق عن النظام في الخارج، وقتل وسجن ومطاردة الآلاف من الإسلاميين ولا سيما "الإخوان المسلمون" (يصفهم النظام بالزنادقة)،  وتصفية المعارضين والمنتفضين وهم بالآلاف، لا سيما في بنغازي... ثم استقدامه المرتزقة وقتله شعبه الرافض في غالبيته الساحقة لبقائه في السلطة عام 2011.


 


هل هو مسلم؟!


بمعزل عن الحديث عن جذور القذافي اليهودية لجهة أمه، سواء ثبت ذلك أم لا، فإن جذور الإنسان، أياً كانت، لا علاقة لها بالحكم على إسلامه من عدمه، لذا فإن البحث في إسلام القذافي – مع التحفظ الشديد في تكفير آحاد الناس من حيث المبدأ- ينطلق من أقواله وتصرفاته وأقوال العلماء فيه، وليس من أي شيء آخر.  


 


يقول القذافي عن كتابه الأخضر إنه "إنجيل العصر الحديث"، في الوقت الذي يصف فيه الشريعة الإسلامية بأنها قانون قابل للتعديل مثلها مثل أي قانون وضعي (وبذلك يكون أنكر عملياً حجية السنة النبوية)، وأن نبي الإسلام محمد (صلى الله عليه وسلم) ليس إلا "ساعي بريد" ودعوته محصورة بالعرب فقط، وأن الكعبة المشرفة هي "آخر صنم باقٍ في الأرض"، وأن لا قدسية لمسجده (صلى الله عليه وسلم).


 


ووصل الأمر بالقذافي إلى حد المطالبة بحذف لفظة "قل" من أي سورة في القرآن الكريم، بدعوى أنها خطاب للرسول، وقد مات الرسول(صلى الله عليه وسلم)!، كما أفتى بتغيير الصلاة (صلاة العصر) وسخر من الصحابة رضوان الله عليهم. وعن نبي الله يعقوب عليه السلام، يقول القذافي إنه وعائلته من أحط العائلات!. أما "الإخوان المسلمون"  فيرى القذافي أنهم "رجعيون وزنادقة... أصحاب لحى مقمّلة".


 


لهذا السبب أفتى الشيخ ابن باز -رحمه الله- بردته، كما صدر عن هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية ما يشبه ذلك غير مرة، كما أصدرت رابطة العالم الإسلامي كتاباً بعنوان: "الرد الشافي على مفتريات القذافي"، قبل نحو 28 سنة، وقد جاء في أول جملة فيه ما يأتي: تجاوز العقيد معمر القذافي كل الحدود وتهجم على الإسلام كعقيدة وتشريع ونظام حياة"، وفي موضع آخر من المقدمة يعتبر الكتاب القذافي "رجلاً محسوباً على العقيدة الإسلامية"، وصولاً إلى مخاطبته مباشرة للعودة "إلى رحاب الإسلام من جديد". 


 


اختلاله وغرائبه


المتابع للقذافي يلحظ بوضوح اختلاله وتجرده عن الصفات الواجبة للرئيس أو القائد المتزن،  (خطابه الطريف في أعلى منبر دولي؛ الأمم المتحدة عام 2009 على سبيل المثال)، ولعل متابعة الشارع العربي لكلمات القذافي خلال المؤتمرات العربية؛ تعود إلى إحباط هذا الشارع من نتائج القمم العربية، وتعويضه عن ذلك بطرافة مواقف القذافي وتهجمه على الحكام العرب.


 


ومع ذلك فإن القذافي يدّعي أنه مفكّر، وأنه واضع النظرية العالمية الثالثة (الكتاب الأخضر)، وهو منظّر ومؤلف، وصاحب سلسلة روائية: "القرية القرية"  و "الأض الأرض" و "انتحار رائد فضاء"، لكن مؤلفات القذافي – إن صح أنه خطها بيده- تنم عن شخصيته، فالكتاب الأخضر فيه  من غرائب التشريع الكثير، أما سلسلته القصصية ففيها من غرائب الأفهام والأقوال، ما جعل أحد الاطباء النفسيين المشهورين إلى القول: "إن هذا الكتاب يصلح لتدريسه لطلاب الطب النفسي، كونه يجمع بين كل عناصر هستيريات جنون العظمة".


 


كما اشتهر القذافي بالخروج عن المألوف في مواقفه، ولعل من أشهر هذه المواقف دعوته لتأسيس دولة سماها "إسراطين" تجمع بين فلسطين وإسرائيل، وقراره التخلي عن التقويم الهجري، وتبني تقويم جديد وفريد لليبيا يبدأ من وفاة الرسول (صلى الله عليه وسلم)، واعتماد تسميات مختلفة عما هو سائد من أسماء للشهور. ومن غرائبه أيضاً أنه دعا في العام الماضي، خلال زيارة له إلى إيطاليا، 500 من الحسناوات -وقد حدد مواصفات للمدعوات في الطول والعمر- لشرح الإسلام لهن!.


 


ومن غرائبه الدائمة اعتماده الخيم للسكن، وارتداؤه ملابس غريبة (ملابس عليها صور لعبد الناصر أو له، أو عليها خرائط..)، واعتماده على النساء في حمايته وليس على الرجال خلافاً للكتاب الأخضر الذي يرى أن "مكان النساء هو البيوت لأن تكليفهن بوظائف الرجال يفقدهن أنوثتهن وجمالهن" (تسببت حارساته بمشكلات بروتوكولية في غير مؤتمر دولي). وإلى جانب الحارسات لدى القذافي مجموعة من الممرضات الأوكرانيات يرافقنه في حله وترحاله!. 


 



غداة ثورة الشعب التونسي اعتبر القذافي أن التونسيين ارتكبوا خطأً في إسقاطهم زين العابدين بن علي، وكأنه كان يستشعر ثورة مماثلة في ليبيا، وقد صدق حدسه، حيث انطلقت الثورة بالفعل في 17/2/2011... وهي ما تزال مستمرة.

: 2011-03-31
طباعة