« ظاهرة البلطجية في صيدا »






ظاهرة "البلطجية" في صيدا



فادي شامية



"البلطجية" في صيدا ظاهرة حقاً. المعلومات عن مجموعاتهم تصدم الناس. القوى السياسية تتبرأ منهم، لكنها في الواقع تتعامل معهم، وتحمي من يميل إليها منهم، وتستعملهم عند الحاجة. والقوى الأمنية تقول لزائريها إنها ستضربهم بيد من حديد، لكنها في الواقع تستخدمهم في العمليات القذرة، وتؤمن لهم الحماية وتخفيف التوصيفات الجرمية عند وقوعهم في قبضتها، وتالياً الأحكام عند إحالتهم إلى القضاء!.



 



هؤلاء "القبضايات" هم طبقة بحد ذاتهم، ولو بدوا مختلفين في الظاهر، لكنهم في الواقع أبناء مهنة واحدة؛ تؤمن الحماية والخدمات الأمنية لمن يرغب... أو بالأحرى لمن يدفع، وفي حال تعرضهم لهجومٍ شامل يتضامنون معاً، كما لو كانوا أعضاءً في نقابة!.



 



هم لا يبتزون أفراداً فحسب، بل مؤسسات وكيانات معنوية أيضاً، ولو كانت تمثل المدينة بأسرها، أو تؤثر على المدينة برمتها، سمعةً وأخلاقاً واقتصاداً واستقراراً، ومع ذلك هم ودودون إذا ما صحبتهم، مندفعون إذا ما استفززتهم، جريئون إذا ما حركتهم... ومبلغ من المال يجعلهم كالمارد المخبوء في مصباح؛ يخرج عند الطلب!.



 



إنهم ضحايا بيئتهم، لكنهم قهروا بؤس هذه البيئة على طريقتهم، وقد تقبّل كثيرون الواقع الجديد الذي صنعوه بأنفسهم، فصار يتعاطى معهم؛ لتنظيم نفوذهم على الكورنيش البحري، أو لتأمين استثمار ناجح على المسبح الشعبي، أو لتأمين حماية فعالة في "المول" التجاري، أو لدعم مرشح في موسم انتخابي... في النهاية إنهم أولاد البلد! وهذه هي حال البلد!.



----



عُلم أن ابنة أحد أعضاء بلدية صيدا، وهي تعمل في مجال التصوير والسينما، وقد كانت ترغب بتصوير "فيديو كليب" في أحياء صيدا القديمة، مستخدمة آلات تصوير بتقنية عالية، تقدر قيمتها بعشرات آلاف الدولارات، لكن "قبضايات" البلد حذروها من مخاطر هذا العمل لأن "ولاد الحرام في البلد كتار"، مقترحين عليها استخدامهم لحمايتها أثناء التصوير لقاء مبلغ متواضع قدره 13,000$ قابل للتنزيل إلى 10,000$. ظنت المسكينة أن عضوية والدها في البلدية تحميها، لكنها سرعان ما أدركت أن خياراتها محدودة؛ فإما أن تدفع أو تنقل العمل إلى مكان آخر، وبعد تفكير ملي، اختارت الانتقال إلى مدينة أخرى!.    



» تاريخ النشر: 2011-06-25
» تاريخ الحفظ: 2024-03-28
» شبكة الشفاء الاسلامية
.:: https://www.ashefaa.com ::.