هل تسقط العلمانية في تركيا؟

  محيط البوك الخبر

قسم الاخبار
  هل تسقط العلمانية في تركيا؟     
 

الكاتب :    

 
 

 الزوار : 3089 |  الإضافة : 2010-03-25

 

الخطب المكتوبة والمقالات

 أوين ماثيوز/ مجلة نيوزويك الأمريكية ترجمة/ شيماء نعمان



إن المنطق السياسي ينبغي أن يتسم بالوضوح؛ فالقبض على مجموعة مبهمة من قادة الجيش بتهمة التآمر للقيام بانقلاب دموي هو أمر ينبغي أن يعتبر نصرًا للعدالة. وانتهاء تدخل الجيش في السياسة ينبغي أن يكون نصرًا للديموقراطية.

هل تسقط العلمانية في تركيا؟

أوين ماثيوز/ مجلة نيوزويك الأمريكية

ترجمة/ شيماء نعمان

مفكرة الإسلام: إن المنطق السياسي ينبغي أن يتسم بالوضوح؛ فالقبض على مجموعة مبهمة من قادة الجيش بتهمة التآمر للقيام بانقلاب دموي هو أمر ينبغي أن يعتبر نصرًا للعدالة. وانتهاء تدخل الجيش في السياسة ينبغي أن يكون نصرًا للديموقراطية. والمزيد من الديموقراطية ينبغي أن تجعل البلاد أكثر ليبرالية وأكثر تقاربًا مع أوروبا.

وفيما عدا ذلك، فإن المنطق السياسي في تركيا لا ينتهج أنماطًا واضحة بشكل دائم. صحيح أن اعتقال العشرات من ضباط الجيش على خلفية اتهامات بالتخطيط لتفجيرات وعمليات قتل يعد نصرًا لدعاة المدنية على المؤسسة العسكرية التي كانت يومًا غير قابلة للمساس بها. ولكن الأكثر أهمية هو أن الاعتقالات أيضًا تمثل الاندثار الهاديء للجيش كقوة حاسمة في الشأن السياسي التركي، وذلك للمرة الأولى منذ قرون. وتلك خطوة حيوية في طريق تركيا لتصير من الديموقراطيات الراشدة.

لكن المفارقة هنا هي أن وجود تركيا أكثر ديموقراطية لا يعني بالضرورة وجود تركيا أكثر تقاربًا مع أوروبا أو مع أمريكا. حيث أنه مع زوال آخر أكبر عقبة رئيسية كانت تقف في وجه سلطة حزب العدالة والتنمية الحاكم، سيكون "رجب طيب أردوجان" حرًا في تطبيق رؤيته بشأن جعل تركيا ذات طابع إسلامي أكثر. وعلى ذلك، فإن مزيدًا من الديموقراطية لا يؤدي بالضرورة إلى مزيد من الليبرالية.

وربما كانت أوروبا هي أول ضحية لهذا النظام الجديد. فمنذ أن صعد زعماء حزب العدالة والتنمية إلى السلطة في عام 2002 وهم يستخدمون مسألة عضوية الاتحاد الأوروبي كدرع واقٍ لهم للدفاع عن برامجهم الإصلاحية ضد انتقادات غلاة العلمانيين في الجيش والنظام القضائي. فمن الناحية النظرية، كان الجيش يؤيد الانضمام إلى أوروبا، وهو ما مرر من خلاله الحزب الحاكم معظم أكثر التغييرات الجذرية رافعًا متدثرًا براية الاتحاد الأوروبي. وتقليص سلطات مجلس الأمن القومي الذي يهيمن عليه الجيش، وحظر عقوبة الإعدام، وإلغاء بعض القيود المفروضة على حرية التعبير، والسماح بحقوق اللغة الكردية – جميع ذلك كان من بين معايير كوبنهاجن التي حددها الاتحاد الأوروبي. إلا أن الآن بعدما تبين أن الجيش، الذي يمثل المنافس الرئيسي للحزب، هو نمر من ورق، فليس هناك مصلحة كبيرة بالنسبة لأردوجان وشركاه في دفع المشروع الأوروبي إلى أبعد من ذلك.

وهذا توقيت صعب بالنسبة لأوروبا. حيث أن مستوى التأييد داخل الاتحاد الأوروبي لمزيد من التوسع يتلاشى على نحو سريع. كما أن هناك أزمة تلوح في الأفق حول قبرص من شأنها أن تهدد بخلق المزيد من العداء بين الجانبين حيث تهدد كلاً من اليونان وقبرص اليونانية كأعضاء في الاتحاد الأوروبي بعرقلة مسعى أنقرة للانضمام. أضف إلى ذلك العديد من المبادرات الأوروبية عديمة الجدوى التي قام بها الاتحاد؛ مثل محاولة دفع تيار المحافظين الأتراك للسماح بزواج مثلي الجنس، وستجد أمامك وصفة متكاملة لوقوع المشكلات. كما أن الأتراك كذلك يشعرون بالغضب بسبب العديد من الوعود التي لم يف بها الاتحاد الأوروبي بشأن فتح موانيء قبرص أمام التجارة الدولية.

إن انتصار حزب العدالة والتنمية على الجيش من الممكن أن يتبين انه من أكبر خسائر الاتحاد الأوروبي.

كما أن الأمر يثير سؤالاً صعبًا بالنسبة لواشنطن وهو:

هل تريد الولايات المتحدة في الشرق الأوسط حلفاء أقل ديموقراطية وأكثر صداقة، أو تريدهم أكثر ديموقراطية وأكثر عداء لأمريكا؟

لقد كانت تركيا تقع في المعسكر الأول من هذا الخيار خلال حقبة الحرب الباردة عندما كان الجيش هو المهيمن على مقاليد الأمور. أما الآن فمن المنطقي لواشنطن أن تختار الديموقراطية، حتى لو كانت العواقب- كما وجد "جورج دبليو بوش" في العراق- ليست دائمًا لصالح الغرب. وإبعاد الجيش عن السياسة من شأنه أن يخول لتركيا تعريف العلمانية على نحو ديموقراطي والتعاطي علنًا مع قضايا مثل مطالب الأقلية الكردية بحكم ذاتي. وهذا الخيار ينبغي أن يكون سهلاً لاسيما في الوقت الراهن، حيث تشير الأدلة التي قدمها الادعاء العام التركي أن العناصر الذين نصبوا أنفسهم حماة لنظام تركيا العلماني قد خططوا لجرائم شنيعة بهدف زعزعة استقرار حزب العدالة والتنمية، ربما من بينها حادث تفجير القنصلية البريطانية في إسطنبول عام 2003.

وفي حال أصبحت تركيا أكثر تباعدًا مع الغرب، وهذا على الأرجح لا يمكن تجنبه، فإن عاصفة من الاستياء الشعبي ستهب حول رفض الاتحاد الأوروبي غير المُعلن لعضوية تركيا، حتى في الوقت الذي لا تزال فيه إجراءات عملية الانضمام مستمرة، وكذلك حول التحركات الحثيثة في الكونجرس الأمريكي من أجل الاعتراف بمذابح الأرمن على يد العثمانيين عام 1915 كإبادة جماعية. وإذا ما مضى التصويت قدمًا، فعليك أن تتوقع ردًا من جانب الأتراك، ربما من خلال رفض دعم العقوبات الأمريكية على إيران في مجلس الأمن الدولي.

لقد أكد الأتراك بوضوح أكثر من مرة من خلال صناديق الاقتراع أنهم يؤيدون رؤية حزب العدالة والتنمية بشأن تقليل حدة الطبيعة العلمانية للبلاد. كما أن المواطنين الأتراك العاديين ليسوا من كبار مناصري الولايات المتحدة. لكن من الواضح أيضًا أن تركيا في ظل حزب العدالة والتنمية ستظل حليفًا للغرب، وسيظل حلف شمال الأطلسي (الناتو) أهم شريك إستراتيجي لأنقرة.

كيف لنا أن نعرف؟ إن حزب العدالة والتنمية نفسه يقول ذلك؛ وليس لديه خيارات فعلية أخرى. فليس هناك تحالف منافس مع إيران، أو العالم العربي أو روسيا يمكنه أن يضاهي النفوذ الذي تتمتع به تركيا التي تملك أكبر ثاني جيش في منظمة (الناتو). وعلى المدى القصير، فإن تركيا على الأرجح ستُفسد العلاقات مع الاتحاد الأوروبي وتدخل في خصومة علنية مع الولايات المتحدة حول أرمينيا. أما على المدى الطويل، فإن انهيار سلطات الجيش ستجعل من تركيا دول ديموقراطية أقوى، وشريك أكثر استقرارًا وحنكة. لذا سيكون من الحكمة وقوف العالم في صف حزب العدالة والتنمية، وليس السعي من أجل عودة جنرالات الجيش الذين فقدوا مصداقيتهم.


 
          تابع أيضا : مواضيع ذات صلة  

  محيط البوك التعليقات : 0 تعليق

  محيط البوك إضافة تعليق


9 + 9 =

/300
  صورة البلوك اعلانك يحقق أهدافك
  صورة البلوك مكتبة الصوتيات الاسلامية
  صورة البلوك السيرة النبوية وحياة الصحابة

  صورة البلوك google_ashefaa

  صورة البلوك صور الاعشاب

  صورة البلوك الاطباق
  صورة البلوك جديد دليل المواقع