الفلسطينيون ينتفضون رفضاً للمتاجرة بدمائهم!

  محيط البوك الخبر

  طباعة  
الفلسطينيون ينتفضون رفضاً للمتاجرة بدمائهم!

   الكاتب :

 

 الزوار : 2457   الإضافة : 2011-06-25

 

من الأمور التي لا تحتاج إلى تذكير؛ أن القضية الفلسطينية قضية حق في مواجهة طغيان الباطل، وقضية أمة ترتبط بمقدساتها؛ إسلامية ومسيحية، وقضية شعب ولم ينس ولم يتخل عن أرضه، ومن حقه النضال –بل واجبه النضال- للعودة إليها. لا خلاف على هذه المسألة "المبدئية"، مع أن الناس إزاءها فريقان؛ فريق صادق في قناعاته، ولو تعرّض للاتهام أحياناً، وفريق متاجر بالشعارات ولو حظي بالتمجيد أحياناً!.

النتائج عكسية على محركي وممجدي التظاهرات في الجولان وجنوب لبنان:

الفلسطينيون ينتفضون رفضاً للمتاجرة بدمائهم!

فادي شامية- الأحد- 19-6-2011

من الأمور التي لا تحتاج إلى تذكير؛ أن القضية الفلسطينية قضية حق في مواجهة طغيان الباطل، وقضية أمة ترتبط بمقدساتها؛ إسلامية ومسيحية، وقضية شعب ولم ينس ولم يتخل عن أرضه، ومن حقه النضال –بل واجبه النضال- للعودة إليها. لا خلاف على هذه المسألة "المبدئية"، مع أن الناس إزاءها فريقان؛ فريق صادق في قناعاته، ولو تعرّض للاتهام أحياناً، وفريق متاجر بالشعارات ولو حظي بالتمجيد أحياناً!.

هذه المقدمة لا بد منها؛ لمقاربة موضوع التظاهرات الفلسطينية التي جرت مؤخراً في مارون الراس (مرة واحدة) والجولان (مرتين). إذ شكلت هذه التظاهرات؛ رغم صدق المشاركين فيها، مثالاً واضحاً للمتاجرة الطويلة من الأنظمة العربية-والقوى المرتبطة بها- بالقضية الفلسطينية!.

كيف ذلك؟!

بعد نحو 35 سنة من منع الفلسطيني من الاقتراب من الجولان، لتنسّم هواء فلسطين العليل، وبعدما عشنا زمناً طويلاً يقال فيه إن النظام السوري هو الحامي لجبهة "المقاومة" و"الممانعة"- رغم هدوء جبهة الجولان كل هذه السنين- إذا برامي مخلوف، نسيب الرئيس بشار الأسد، والشخصية الاقتصادية الأهم في النظام السوري اليوم، يستشعر الخطر عن نظام بلاده، فيحرك ورقة هامة في وجه أميركا والغرب –الذي يهمه المصلحة الإسرائيلية أولاً- ويحذر من أنه "لن يكون هناك استقرار في إسرائيل إذا لم يكن هناك استقرار في سوريا... لا تدعونا نعاني، لا تضعوا الكثير من الضغوط على الرئيس، لا تدفعوا سوريا إلى فعل شيء لن تكون سعيدة بفعله" (مقابلة مع نيويورك تايمز 10/5/2011).

وعلى أثر هذا التهديد –الذي أسقط "بروباغندا" عمرها سنوات- تغير موقف النظام السوري؛ من منع الحركة على الحدود، إلى تحريض الفلسطينيين عليها، وتسهيلها لهم، وتمجيدها في عيونهم، قبل وبعد التظاهر!.

في التجربة الأولى التي جرت يوم النكبة؛ بلع الفلسطينيون "الضرب" (مع التأكيد أن المشاركين كانوا صادقين في التشبه بالثورات بالعربية لزيادة الضغط على العدو الإسرائيلي لصالح حق العودة)، فدخلت باصات سورية لبنان فارغة –خلافاً للقانون الذي لا يجيز دخولها فارغة-، لتقلّ أعداداً من الفلسطينيين إلى الحدود. التظاهرة كانت مطلوبة، بغض النظر عن نوايا "الآخرين"، لكن شيئاً ما حدث-خلافاً لتظاهرات سابقة نظمتها جهات أهلية- فسقط عشرة شهداء في مارون الراس، وعدد آخر في الجولان، وكأن ثمة من كان يريد إهراق دمٍ فلسطيني، لغاية في نفس نظامٍ ممانع. أثار هذا الواقع استياء أكثر المنظمين والمشاركين، كما أثار استياء قيادة الجيش، وأثار مخاوف العالم من استخدام "حق العودة" شعاراً لتوتيرٍ على الحدود لغايات سياسية.

هذا الواقع جعل قيادة الجيش اللبناني أكثر تشدداً في منع تكرار ما حصل في ذكرى يوم النكسة، فمنعت الاقتراب من الحدود، وسط استنكاف الجهات الأساس التي دعت للتظاهر في المرة الأولى، ما جعل الحدود اللبنانية الفلسطينية هادئة، عكس الحدود السورية الفلسطينية، وذلك للمرة الأولى منذ العام 1976!. وفي الحين الذي مرت فيه ذكرى النكسة بسلام في لبنان، سقط أكثر من عشرة شهداء فلسطينيين في الجولان -ونحو 200 جريح- بعدما نقل النظام السوري الشباب الفلسطيني من المخيمات، بالتنسيق مع فصائل فلسطينية محسوبة عليه، إلى الجولان المحتل تحت عنوان: العودة إلى فلسطين!.

هذه المرة لم تمر المتاجرة بالدم الفلسطيني مرور الكرام، سيما بعدما بدأت جُدُر الخوف الراسخة في سوريا تتداعى، فانتفض أبناء مخيم اليرموك وهتفوا أثناء تشييع الشهداء: "لا بشار ولا جبريل"، ما أدى إلى اصطدامهم بجماعة أحمد جبريل (الجبهة الشعبية-القيادة العامة)، وتحول هذه الجماعة إلى أداة قمع وقتل بحق الفلسطينيين، الذي سقط منهم نحو 11 شهيداً آخر في المخيم المذكور. ترك هذا الواقع استياء واضحاً لدى الفلسطينيين في الشتات وفي الضفة الغربية وقطاع غزة، ودفع منظمة التحرير الفلسطينية –الجبهة الشعبية فصيل فيها- إلى إدانة "قيام مجموعات مسلحة تابعة للجبهة الشعبية-القيادة العامة بإطلاق الرصاص الحي على جموع المتظاهرين"، وإلى البحث في تعليق عضوية الجبهة المذكورة في المنظمة.

"المتاجرون بالدم" مصدومون!

في الواقع؛ فإن انتفاضة سكان مخيم اليرموك، شكّلت صدمة قوية لكل الذين كانوا يراهنون على دوام التضليل الإعلامي، والمتاجرة الرخيصة بالدم الفلسطيني المعطاء، باعتبارها جاءت بلسان فلسطيني مجروح -وليس من محور أو جزء من محور عربي معين- لتقول للذين يبيعون الفلسطينيين خطابات التمجيد -التي يعيشون عليها أصلاً-: "كفى؛ لقد باتت اللعبة مكشوفة".

من هذا المنطلق؛ فقد جاءت النتائج عكسية على محركي وممجدي التظاهرات في الجولان وجنوب لبنان، من وجوه عدة:

1- عرّت أحداث مخيم اليرموك الفصائل الفلسطينية المرتهنة للنظام السوري، وعلى رأسها "الجبهة الشعبية-القيادة العامة"، التي ارتكبت مجزرةً أشنع من قتل العدو الإسرائيلي للشباب الفلسطيني في الجولان، باعتبار أن مقتل الفلسطينيين على أيدي عدو مجرم أمر اعتادوا عليه، أما قتلهم على يد من يدعي تمثيلهم فأمر آخر.

2- أثّر ما جرى في مارون الراس والجولان ومخيم اليرموك على مصداقية وشعبية كثير من الذين يظهرون حرصاً على القضية الفلسطينية، سواء في فلسطين أو سوريا أو لبنان، لا سيما أن إعلام هذه القوى الذي أفرد مساحة ضخمة لتغطية ما جرى في الجولان ومارون الراس؛ لم يذكر ما جرى في مخيم اليرموك، وكأن شيئاً لم يحدث، بل إن قيادة "الجبهة الشعبية- القيادة العامة" وصفت الشهداء الذين قتلتهم بأنهم: "مجموعة من الأشخاص المشبوهين الذين تحركهم الولاءات السياسية والأمنية المعادية للمقاومة"، في تكرار ممجوج لعبارات تخوين المخالفين التي تلجأ إليها الأنظمة القمعية في العادة.

3- خاطرت القيادة السورية بتحريكها ورقة الجولان، تنفيذاً لتهديدات رامي مخلوف، بإحراق أحد أهم الأوراق التي جعلت الغرب يتغاضى عن ممارسات النظام السوري ومشاكساته، وهي ورقة الجولان، إذ من المعلوم أن "إسرائيل" واللوبي التابع لها في الإدارة الأمريكية وقف مع معادلة الضغط على سوريا لتغيير سلوكها وليس لتغيير نظامها -وهي المعادلة لم ينتبه لها كثيرون في لبنان بعد اغتيال الرئيس الحريري-، وحتى الأمس القريب كان الموقف الإسرائيلي يقوم على أساس أن بقاء النظام في سوريا أفضل من سقوطه على الأمن الإسرائيلي، وقد انعكس ذلك في الصحافة الإسرائيلية بقوة... لكن كلام مخلوف، وتنفيذه على الأرض، عدّل –كما بدا واضحاً فيما بعد- في الموقف الإسرائيلي لصالح اعتبار الرئيس بشار الأسد فاقداً للشرعية.

لقد قدّم الفلسطينيون على مدار تاريخهم الحديث كثيراً من الشهداء، وقد ناصر قضيتهم العادلة كثير من المخلصين، وكثير من المتاجرين، ومع تراكم التجارب بات الوعي عندهم أكبر من حملات الزيف التضليل. ومن هذا المنطلق؛ فإن شهداء أبناء مخيم اليرموك لا يقلون في ولائهم وتضحيتهم من أجل قضية الفلسطينية عن شهداء الجولان ومارون الراس، وأهميتهم في الميزان أنهم حدوا من مخاطر استمرار هذا المسلسل الرخيص من استغلال عطاء شعب عظيم.


 
          مواضيع ذات صلة  

  محيط البوك التعليقات : 0 تعليق

  محيط البوك إضافة تعليق


8 + 2 =

/300
  صورة البلوك اعلانك يحقق أهدافك
  صورة البلوك مكتبة الصوتيات الاسلامية
  صورة البلوك السيرة النبوية وحياة الصحابة

  صورة البلوك صور الاعشاب

  صورة البلوك الاطباق

  صورة البلوك جديد دليل المواقع