المحاصصة الطائفية والتزكية السياسية

  محيط البوك الخبر

  طباعة  
المحاصصة الطائفية والتزكية السياسية

   الكاتب :

 

 الزوار : 2352   الإضافة : 2009-12-17

 

فادي شامية: المحاصصة الطائفية باتت تسري على كل شيء في لبنان؛ على المستوى السياسي، وفي التعيينات الإدارية والقضائية، وفي التشكيلات الأمنية والعسكرية أيضاً·

المحاصصة الطائفية والتزكية السياسية؛ شرطان لازمان في التشكيلات والتعيينات الأمنية [1/2] 16-12-2009

اللواء وفيق جزيني مدير عام الامن العام


فادي شامية:
المحاصصة الطائفية باتت تسري على كل شيء في لبنان؛ على المستوى السياسي، وفي التعيينات الإدارية والقضائية، وفي التشكيلات الأمنية والعسكرية أيضاً·

المطلوب مراعاة التوزيع الطائفي أم <تزكية> زعماء الطوائف؟!

لا شك أن <الإنصاف> الطائفي والمذهبي في التشكيلات الأمنية والعسكرية مطلوب بحكم واقع البلد، غير أن التوزيع العادل للمناصب على الطوائف، لا يعني بالضرورة ارتهان الضباط إلى قيادات طوائفهم·

بمعنى آخر، فإنه إذا كان يجب مراعاة كافة الطوائف والمذاهب في التشكيلات، فإنه لا يجب أن يكون الضابط من طائفة ما، يدين بالولاء إلى زعيم هذه الطائفة -وعلى وجه التحديد الطوائف التي أصبحت غالبيتها <مع> زعيم واحد أو مع <ثنائي متحد>-، لأن هذا المفهوم يعني - ببساطة- أن الانتماء إلى طائفة أو مذهب يبقى ناقصاً ما لم <يتوّج> بتزكية زعيم هذه الطائفة أو هذا المذهب، وتالياً فإن الارتقاء في السلّم القيادي سيبقى خاضعاً لرغبة قوى وأحزاب معينة، وليس إلى آليات الترفيع في الدولة اللبنانية نفسها، مع ما في ذلك من أضرار بالغة على الأجهزة الأمنية والعسكرية·

لقد أدت المحاصصة الطائفية في المجالين الأمني والعسكري - على وجه الخصوص - إلى تخريب واقع الأجهزة الأمنية والعسكرية، باعتبار أن هذه المحاصصة تقدم المحسوبية على المهنية، واعتبارات الولاء على موجبات الثواب والعقاب، وباعتبارها تجعل السلطة الفعلية خارج المؤسسة الأمنية أو العسكرية، وباعتبارها تسمح بالتدخل في تفاصيل مهنية، وتالياً في إمكانية التمرد على أوامر القيادة، كما حصل مؤخراً في مؤسسة قوى الأمن الداخلي·

أجهزة الدولة؛ الولاء فيها لمن؟!

وإذا كانت الأجهزة الأمنية والعسكرية تتأثر سلباً بالمحاصصة الطائفية كما هو معروف، فإن الأمثلة على ذلك كثيرة، لكن ثمة حالات غير طبيعية إلى حد الغرابة، سجّلتها أعوام الأزمة الماضية·

في قوى الأمن الداخلي ثمة مجلس قيادة من 11 عضواً، لا يكاد يجتمع، ويدين معظم الضباط فيه -إن لم نقل كلهم - بالولاء لمرجعياتهم <السياطائفية> (أي القوة السياسية الممثلة للطائفة أو لجزء كبير منها)· لم يجتمع المجلس عقب حرب تموز 2006 إلا بعد اتفاق الدوحة في أيار 2008، مع انخفاض منسوب الخلاف السياسي في البلد!· العمداء المسيحيون؛ جوزف الحجل، وسمير قهوجي، وسيمون حداد، الذين كانوا قد وافقوا على تصحيح وضع <شعبة> المعلومات، تراجعوا لاحقاً عن موافقتهم، متأثرين بموقف <التيار الوطني الحر>، وقوى <8 آذار> عموماً من الشعبة المذكورة· وفي العامين الماضيين ثمة من اعتبر أن قوى الأمن الداخلي جيش السنّة!· وثمة من جاهر بوصفها ميليشيا تيار <المستقبل>، انطلاقاً من قرب مديرها العام من الرئيس سعد الحريري، وعلاقته بوالده الشهيد·

بالمقابل اعتبر الثنائي الشيعي؛ <حزب الله> و<أمل>، أن المديرية العامة للأمن العام في حمى قوتهم السياسية· على هذا الأساس تمتع اللواء وفيق جزيني بسلطة مكّنته من تحدي وزير الداخلية، عندما أراد الأخير في العام 2006، ربط الأجهزة الأمنية معلوماتياً ببعضها البعض، إذ اعتبر الثنائي الشيعي أن في ذلك تقليصاً لصلاحية الأمن العام الذي يترأسه <ضابط شيعي>، وبناءً عليه <تمرّد> جزيني على وزير الداخلية السابق أحمد فتفت، فقرر الأخير إعطاءه <إجازة قسرية> لعشرين يوماً· لكن -وبحكم الدعم السياسي الذي تمتع به جزيني- لم يُنفذ قرار الربط المعلوماتي، واعتُبرت العقوبة <منعدمة الوجود>!·

بالانتقال إلى جهاز أمن الدولة ثمة قصة غريبة؛ فالجهاز أنشىء في العام 1985 لـ <إرضاء> الشيعة، ولهذه الغاية تعدّل قانون الدفاع الوطني، ونشأ بموجب هذا التعديل لدى <المجلس الأعلى للدفاع> مديرية عامة <خاضعة لسلطة المجلس وتابعة لرئيسه ونائب رئيسه>· وقد رأس الجهاز منذ تشكيله ثلاثة مديرين أصيلين، كان الأول والثاني شيعيين، والثالث كاثوليكياً (بعدما <أخذ> الشيعة الأمن العام، فآل جهاز أمن الدولة إلى الكاثوليك)· ومنذ نشأته تضاربت صلاحية جهاز أمن الدولة مع باقي الأجهزة الأمنية بشكل واضح، ما استدعى في العام 2005 أخذ الحكومة اللبنانية قراراً بإلغاء هذا الجهاز، -وهو الأمر الذي يحتاج إلى قانون عن مجلس النواب لم يصدر بعد!-· ومدير الجهاز بالوكالة حالياً هو العميد الياس كعيكاتي الذي حل بدلاً من مدير عام آخر بالوكالة هو حسن فواز (زوج شقيقة رئيس مجلس النواب نبيه بري)·

شرطة مجلس النواب بدورها تعاني من ثقلٍ شيعي غير طبيعي، فمن أصل 550 ضابطاً ورتيباً وعنصراً تتشكل منهم شرطة المجلس، يوجد نحو 400 من الشيعة!، لكن المشكلة ليست في الانتماء الطائفي غير المنصف فحسب، وإنما في الانتماء السياسي لضباط وعناصر شرطة المجلس، فمعظمهم على صلة بحركة <أمل>، وقد دخلوا في <مواجهات> مع المواطنين المؤيدين لقوى <14 آذار> ولا سيما تيار <المستقبل>، خلال الأعوام الماضية، بل إن بعضهم شارك في استباحة بيروت في السابع من أيار 2008، وليس ثمة محاسبة، للاعتبارات السياسية إياها!·

ولا تخرج مديرية المخابرات في الجيش اللبناني عن هذا السياق، والبرهان على ذلك التشكيلات في مديرية المخابرات التي أعقبت تعيين العماد جان قهوجي، قائداً للجيش، في تشرين أول من العام الماضي·

ليس القصد، من هذا العرض التشكيك في الولاء الوطني لكبار ضباط الأجهزة الأمنية، فالمشكلة في لبنان ليست في الولاء الوطني، خصوصاً لدى ضباط وعناصر الأجهزة الأمنية والعسكرية، الذين يحق لهم التفاخر بحب وطنهم والتضحية من أجله أكثر من سواهم، ولكن المشكلة هي في الصراعات السياسية والطائفية التي تتسلل إلى كل شيء، بما في ذلك الأجهزة الأمنية والعسكرية، فتفسد وتخرّب، لا سيما عندما يشتد الانقسام بين اللبنانيين·

غداً: هل تنجح حكومة الحريري في تغيير معايير التشكيلات في الأجهزة الأمنية والعسكرية؟!

العميد الياس كعيكاتي مدير جهاز أمن الدولة


 
          مواضيع ذات صلة  

  محيط البوك التعليقات : 0 تعليق

  محيط البوك إضافة تعليق


8 + 8 =

/300
  صورة البلوك اعلانك يحقق أهدافك
  صورة البلوك مكتبة الصوتيات الاسلامية
  صورة البلوك السيرة النبوية وحياة الصحابة

  صورة البلوك صور الاعشاب

  صورة البلوك الاطباق

  صورة البلوك جديد دليل المواقع