هل يحمل أوباما تغييراً فعلياً في السياسة الأميركية تجاه منطقتنا؟!

  محيط البوك الخبر

قسم الاخبار
  هل يحمل أوباما تغييراً فعلياً في السياسة الأميركية تجاه منطقتنا؟!     
 

الكاتب :    

 
 

 الزوار : 3032 |  الإضافة : 2010-01-13

 

الخطب المكتوبة والمقالات

 مقالات الاستاذ فادي شامية



في خطاب فوزه قال أوباما: "هذه لحظتنا. هذا هو وقتنا لنعيد الناس إلى العمل ونفتح أبواب الفرص لأطفالنا، ونستعيد الازدهار وننشر رسالة السلام، ونستعيد الحلم الأميركي". وأضاف: "إن القوة الحقيقية لشعبنا لا تأتي من قوتنا وأسلحتنا أو مقدار ثروتنا، ولكن من القوة الدائمة لمبادئنا: الديمقراطية، الحرية، إتاحة الفرص، والأمل الذي لا ينضب".

هل يحمل أوباما تغييراً فعلياً في السياسة الأميركية تجاه منطقتنا؟!

فادي شامية – اللواء- العدد السنوي

في تشرين ثاني من العام 2008 فاز باراك أوباما برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية. مثّل هذا الفوز محطة حاسمة تاريخ الولايات المتحدة الأميركية.

أوباما هو الحدث!

في خطاب فوزه قال أوباما: "هذه لحظتنا. هذا هو وقتنا لنعيد الناس إلى العمل ونفتح أبواب الفرص لأطفالنا، ونستعيد الازدهار وننشر رسالة السلام، ونستعيد الحلم الأميركي". وأضاف: "إن القوة الحقيقية لشعبنا لا تأتي من قوتنا وأسلحتنا أو مقدار ثروتنا، ولكن من القوة الدائمة لمبادئنا: الديمقراطية، الحرية، إتاحة الفرص، والأمل الذي لا ينضب".

في الواقع شكّل انتخاب أوباما رئيساً للولايات المتحدة الأميركية حدثاً كبيراً، فالرجل من أصول إفريقية، وله جذور إسلامية، وهو فوق ذلك أسود، وقد صار رئيساً لمجتمع اضطهد السود طويلاً، وعادى المسلمين، ونظر نظرة دونية إلى الأفارقة!.

وإذا كان انتخاب أوباما قد شكّل حدثاً بحد ذاته، فإن ثمة أسباب دفعت الشعب الأميركي إلى هذا الاختيار؛ فالأزمة المالية العالمية كانت –وما زالت- الأسوأ التي تشهدها الولايات المتحدة والعالم منذ عقود، وقد هددت قبيل انتخاب أوباما القوة الاقتصادية الجبارة للولايات المتحدة بشكل جدي، كما أن معدلات كراهية الولايات المتحدة لدى الشعوب الأخرى، لا سيما العربية والإسلامية، كانت قد وصلت مع نهاية عهد جورج بوش إلى قمتها، فضلاً عن ارتفاع قتلى وجرحى وتكاليف الحربين الأاميسركيتن على العراق وافغانستان، وتعثر السياسة الأميلاكية في غير بلد في العالم.

هذا الانكشاف العسكري والاقتصادي والأخلاقي أقنع الشعب الأميركي باستحالة الاستمرار في المشروع الإمبراطوري الأميركي، وبصعوبة الاستمرار في السير بالسياسة نفسها لجورج بوش، وبأن خطأً كبيراً قد وقع يتعين العمل على تداركه بسرعة والعمل على ترميم ما تسبب فيه من أضرار، مما فتح الطريق نحو التغيير من داخل الولايات المتحدة نفسها، والذي تجلى في انتخاب باراك أوباما.


أوباما يخاطب العالمين العربي والإسلامي

في إطار التغيير الذي تبناه أوباما، قام رئيس الولايات المتحدة الأميركية، بجهد واضح لمصالحة العالمين العربي والإسلامي، وفي هذا السياق قام أوباما بـُعيد انتخابه بزيارة تركيا، ثم أتبعها بزيارة مصر، وهناك ألقى خطاباً يهدف إلى فتح صفحة جديدة في العلاقة بين الولايات المتحدة والعالمين العربي والإسلامي. وقد اختار أوباما جامعة الأزهر الشريف لإلقاء خطابه، بحضور مئات الشخصيات ‏المصرية الهامة، وذلك في الرابع من حزيران 2009.

افتتح أوباما خطابه بالحديث عن التكامل في مبادئ الكرامة والتسامح، والتذكير بأهمية الإسلام للعالم ولأميركا، قائلاً: "أنا مسيحي في الأصل ولكن والدي انحدر من أسرة كينية. وقضيت ردحاً من طفولتي في إندونيسيا، وبصفتي طالباً للتاريخ تعلمت الكثير عن الإسلام؛ فقد مهّد الطريق للعالم وأنار لهم مسيرتهم. لقد أعطتنا الثقافة الإسلامية الكثير. وكان الإسلام جزءاً من تاريخ أمريكا... تأكدوا وبددوا كافة الشكوك، إن الإسلام هو جزء من أمريكا".

ثم انتقل أوباما للحديث عن القضايا الحساسة:

1- قال في التطرف والإرهاب: "علينا ألا نتسامح مع المتطرفين الذين قتلوا الأبرياء، فالقرآن الكريم يقول لنا إن من يقتل بريئاً فكأنما قتل الناس جميعاً".

2- في القضية الفلسطينية قال أوباما: "إن علاقتنا بإسرائيل متينة، ولن تنكسر، وإن الحديث عن محوِها من الوجود هو عبثٌ وخطأٌ فادحٌ، وسيؤثِّر بقوة في المنطقة... كما أن الشعب الفلسطيني عاني محنة البحث عن وطن على مدى 60 عاماً... الفلسطينيون يجب أن ينبذوا العنف الذي لن يوصلنا إلى أي حلول، وعلى الإسرائيليين أن يقروا بحق الفلسطينيين في العيش... ومبادرة السلام العربية هي البداية، ولكنها ليست النهاية".

3- في الملف النووي الإيراني قال أوباما: "أمريكا لا تريد انتشاراً للسلاح النووي في الشرق الأوسط. نحن نريد عالماً خالياً من الأسلحة النووية".

4- في الديمقراطية وحرية الأديان، قال أوباما: "الشعوب تتوق للتعبير عن نفسها، وسوف ندعم حقوق الإنسان في كل مكان... ولا بد من احترام التنوع الديني في البلدان العربية والإسلامية، مثل الموارنة في لبنان، والأقباط في مصر... وأثني على مبادرة حوار الأديان التي أطلقها العاهل السعودي".

خطاب أوباما في الميزان؟!

برغم محاولاته التصالحية، ومع كل التقدير والاعتراف بقدرات أوباما الخطابية، فإن الرجل لم يتمكن من تقديم رؤية واضحة أو برنامج محدد. وإذا كانت زيارة كل من تركيا ومصر تشكلان بداية لمرحلة جديدة، إلى أن ثمة سلبيات في الخطاب الملقى في مصر على وجه التحديد:

  1. تأكيد أوباما حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته، ولكنه في نفس الموقف يؤكد على العلاقة بين أمريكا و"إسرائيل"، وأن هذه العلاقة غير قابلة للانكسار، وقد بدا أوباما حذراً جداً في معالجة ملف القضية الفلسطينية، ومال إلى استخدام العموميات.


  1. التنديد بمواقف حركة حماس وتحميلها مسؤولية قتل نساء الصهاينة وأطفالهم، ومطالبته لها بإنهاء العنف والاعتراف بـ"إسرائيل"، وتجاهل الغطرسة الصهيونية التي استخدمت أحدث الأسلحة الأمريكية في إبادة المدنيين العزّل في غزة.


  1. اعتباره البرنامج النووي الإيراني خطراً على المنطقة، متغافلاً عن الواقع النووي الإسرائيلي، بصفته مهدداً أيضاً لأمن المنطقة.


  1. التأكيد على مبادرة السلام العربية، ولكن مع التزامات إضافية على عاتق العرب.


في الواقع، وبعيداً عن خطوة أوباما الإيجابية -في الشكل-، فإن الرجل يواجه عوامل تعيق انتهاجه تغييراً حقيقياً في المنطقة، لعل أهمها:

  1. على المستوى الداخلي الأمريكي: إن أوباما ليس صاحب القرار الوحيد، بل هناك عوامل ومتغيرات تؤثر في القرار السياسي الأمريكي داخل هياكل صنعه، ولعل من أهمها اللوبي الصهيوني والجماعات الأمريكية الداعمة لـ"إسرائيل"، وهي تعمل بشكل مستمر لصالحها، إضافة إلى الرأي العام الأمريكي المتعاطف مع "إسرائيل" أصلاً.


  1. على الصعيد الفلسطيني: الانقسام والنزاع الداخلي الفلسطيني المستمر، وقد بات أخطر على القضية الفلسطينية من العدو نفسه، بعدما شطر الشعب والأرض الفلسطينية إلى قسمين، وهو انقسام لا يبدو أنه قابل للانتهاء قريباً.


  1. على الصعيد العربي: الجمود السياسي وهشاشة النظام العربي وضعفه، وغياب الرؤية الإستراتيجية لمواجهة أية مبادرة خارجية، واختلاف نظرة الدول العربية لـ أمريكا و"إسرائيل".


  1. على صعيد العالم الإسلامي: غياب رابطة حقيقية أو نظام يجمع دول العالم الإسلامي، فهي دول مشتتة ومختلفة، ولا يوجد بينها أي توافق حول القضايا التي تواجه المسلمين.


في المحصلة لقد حاول أوباما إفهام العرب والمسلمين أن مرحلة بوش الابن انتهت، لكنه بالمقابل لم يقدم الكثير، ولم يقرر سياسة محددة أو آليات معينة سيتم انتهاجها، وخاصة في موضوع القضية الفلسطينية، بل حاول إرضاء جميع الأطراف وكان حذراً جداً في معالجة هذا الملف.

ماهو الثابت وماهو المتغير في عهد أوباما؟!

ما يبدو ثابتاً في عهدي بوش وأوباما أن الأمن القومي للولايات المتحدة يتحدد خارج حدودها. هذه هي القاعدة التي صاغها مستشار الأمن القومي هنري كسينجر، وعمل بمقتضاها خلال فترتين رئاسيتين هما فترة؛ ريتشارد نيكسون وجيرالد فورد.

أوباما لا يمكنه أن يحيد عن هذه القاعدة خصوصاً بعدما حلت العولمة على العالم. وفريق أوباما لا يختلف كثيراً في تشخيصه للعدو عن فريق بوش؛ فتنظيم القاعدة هو الخطر الأول على الولايات المتحدة بنظر كِلا الرئيسين، لذا فإن أوباما لا يستطيع أن يترك أفغانستان لتعود أرضاً خصبة لتنظيم القاعدة، مكملاً بذلك سياسة سلفه بوش. وعلى هذا الأساس جاء قرار أوباما الأخير بإرسال ثلاثين ألف جندي إضافي إلى أفغانستان.

وكما أقر بوش بتصرفات أساءت إلى سمعة الولايات المتحدة، فقد أدرك أوباما أن تصحيح هذه التصرفات لا بد أن يأخذ بعين الاعتبار أن لا يتسبب بمزيد من الإساءة، وعلى هذا الأساس جاء قراره بمنع نشر صور سجن أبو غريب العراقي الشهير، وهو ما كان فعله أيضاً سلفه جورج بوش. في معرض تبريره لهذا القرار قال أوباما: "إن نشر تلك الصور سيهيج الرأي العام المناهض لأميركا، ويمكن أن يتسبب النشر في تعرض قواتنا في الخارج للأذى". إضافة لذلك فقد تمسك أوباما بالمحاكم العسكرية التي كانت تعمل في معتقل غوانتانامو، قائلاً: "إنني أساند عمل المحاكم العسكرية لكن بعد أن أدخلنا عليها إصلاحات عديدة".

وبالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط لا يبدو أوباما مختلفاً كثيراً عن سلفه جورج بوش، مع أن بعض العرب استبشروا بسياساته خيراً فيما يعني القضية الفلسطينية، لكن يبدو الآن أن ظن هؤلاء قد خاب، إذ أن فريق أوباما في البيت الأبيض بغالبيته الساحقة متصهين، ويناصر "إسرائيل"، ويحامي عنها حتى عندما تنتهك حقوق الإنسان. ثمة شاهدان واضحان على ذلك؛ أولاهما الطريقة التي تعاملت فيها الإدارة الأميركية في الأمم المتحدة بخصوص تقرير غولدستون عن حرب غزة. وثانيهما؛ "رضوخ" أوباما للموقف الإسرائيلي بشأن الاستيطان، بل ترحيبه بقرار ها تجميد البناء مدة عشرة أشهر فقط، لا تشمل القدس!.

في الخلاصة؛ ثمة رغبة أميركية واضحة في عهد أوباما للتخفيف من حجم الكراهية والنظرة السلبية لأميركا، ولقد قام أوباما بخطوات لافتة في هذا الاتجاه، توّجت بزيارته التاريخية للقاهرة، لكن هذه الرغبة الأميركية بقيت شكلية، ولم تنفذ إلى العمق، لأن أي إدارة أميركية لا تعالج الملف الفلسطيني بعيداً عن الانحياز الأعمى لـ "إسرائيل"، لا يمكنها أن تحصد النجاح أبداً في مجال مصالحة العالم العربي والإسلامي.


 
          تابع أيضا : مواضيع ذات صلة  

  محيط البوك التعليقات : 0 تعليق

  محيط البوك إضافة تعليق


5 + 9 =

/300
  صورة البلوك ملتقى الشفاء الاسلامي
  صورة البلوك اعلانك يحقق أهدافك
  صورة البلوك مكتبة الصوتيات الاسلامية
  صورة البلوك السيرة النبوية وحياة الصحابة

  صورة البلوك google_ashefaa

  صورة البلوك صور الاعشاب

  صورة البلوك الاطباق

  صورة البلوك جديد دليل المواقع