هكذا سقط الرهان على التأجيل وأصبحت الانتخابات أمراً واقعاً!

  محيط البوك الخبر

  طباعة  
هكذا سقط الرهان على التأجيل وأصبحت الانتخابات أمراً واقعاً!

   الكاتب :

 

 الزوار : 2282   الإضافة : 2010-04-16

 

مع كل استحقاق انتخابي يطرح اللبنانيون السؤال الآتي: "هل تجري الانتخابات في مواعيدها أم تؤجل؟"، وتبدأ تالياً التحليلات والتوقعات، خلافاً لمبدأ احترام الاستحقاقات والمهل الدستورية والقانونية، ولمبدأ تداول السلطة.

هكذا سقط الرهان على التأجيل وأصبحت الانتخابات أمراً واقعاً!

فادي شامية- الجمعة,16 نيسان 2010 الموافق 2 جمادى الاولى 1431 هـ

مع كل استحقاق انتخابي يطرح اللبنانيون السؤال الآتي: "هل تجري الانتخابات في مواعيدها أم تؤجل؟"، وتبدأ تالياً التحليلات والتوقعات، خلافاً لمبدأ احترام الاستحقاقات والمهل الدستورية والقانونية، ولمبدأ تداول السلطة.

ومع اقتراب استحقاق الانتخابات البلدية سادت أجواء "ثقيلة"، جعلت البعض يعتقد أن الانتخابات ستؤجل، لا سيما أن قوى سياسية وازنة لم تخفِ رغبتها بالتأجيل. وهكذا اعتقدت غير قوة سياسية – ومعها جمهورها- أن لا انتخابات قريبة، إلى أن حددت وزارة الداخلية أيام الانتخاب في المناطق اللبنانية المختلفة، بما جعل من الانتخابات أمراً واقعاً.

من كان يريد التأجيل؟

بالعموم، كانت قوى الثامن من آذار غير متحمّسة للانتخابات، وقد انعكس ذلك إطالةً للنقاشات حول التعديلات على القانون النافذ في مجلس الوزراء (سبع جلسات)، تخللها إعادة النقاش في نقاط جرى الاتفاق عليها في جلسات سابقة (هيئة الإشراف على الانتخابات مثلاً)، ثم قبول قوى الثامن من آذار فجأة بالنسبية، بعد رفضها في البداية، مراهِنةً على الصعوبات التقنية فيها لاعتماد التأجيل، ثم إعلان أكثر من نائب ووزير مواقف من قانون الانتخابات وتوقيت إجرائها، بما يناقض موقف مجلس الوزراء، وصولاً إلى إعادة النقاش حول التعديلات في المجلس النيابي من نقطة الصفر (رغم أن الكتل النيابية في المجلس ممثلة كلها تقريباً في الحكومة، وهي من أرسل مشروع القانون إلى مجلس النواب)!.

ويبدو أن خوف تيار العماد ميشال عون من نتائج الانتخابات، كان وراء تعلّقه الشديد بـ"الإصلاحات" وتقديمها على المهل القانونية، وذلك كستار يخفي من ورائه رغبته بالتأجيل، (فضلاً عن أنه مع النسبية في البلديات) وكان عون قد أعلن بعد اجتماع تكتله النيابي في 11 شباط الماضي: "أعود وأكرر؛ نريد الانتخابات البلدية ونريد الإصلاحات. إن لم يتمكّنوا من إقرار الإصلاحات، فلن نقبل، وسنكون ضد إجراء الانتخابات، وأقولها بشكل واضح".

ولعل هذا الخوف من النتائج ينطبق أيضاً على بعض القوى السنية الحليفة لـ "حزب الله"، والتي كانت قد فازت في بعض البلديات في انتخابات العام 2004، في عز الضغط على الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وذلك انطلاقاً من رغبتها بالمحافظة على بعض المواقع (بلدية صيدا مثلاً)، بانتظار تحسين موازين القوى لصالحها. وأكثر من عبّر بصراحة عن رغبة هذه المجموعات السنية بالتأجيل، النائب السابق أسامة سعد، الذي زار الرابية في 5 آذار الماضي، ومن هناك جهر بمطالبته بـ "تأجيل الانتخابات"، بدعوى أن تياره "لا يملك قدرات مالية، ويتّكل على المتطوعين، إضافة إلى أن إمكانياته اللوجستية محدودة، وبالتّالي يحتاج وقتاً طويلاً لتحضير الانتخابات"!.

أما "حزب الله" فقد كان يرى أن الأولوية يجب أن تـُعطى لـ "استحقاقات أكبر"، لا سيما مع التهديدات الإسرائيلية المستمرة للبنان، واحتمال اندلاع مواجهة جديدة. وكان الوزير (عن حزب الله) محمد فنيش أول من ألمح إلى الرغبة بالتأجيل عندما قال: "إن الأولوية لإدخال الإصلاحات قبل إجراء الانتخابات البلدية في موعدها"، ولما أثار هذا التصريح لغطاً حول حقيقة موقف "حزب الله" وعد فنيش بـ"إعلان موقف حزب الله الواضح من إجراء الانتخابات"، ما يعني أن الحزب لم يكن قد حسم أمره بعد. وعموماً فقد كان السيد حسن نصر الله واضحاً جداً في المقابلة الأخيرة مع تلفزيون المنار، في 31 آذار الماضي عندما قال: "نقرأ أن العديد من القوى السياسية ترغب في تأجيل الانتخابات، ولكن ليس من أحد جاهز لأن يأخذ هذا الموضوع بصدره، أنا الليلة حاضر أن آخذ هذا الموضوع بصدري". أضاف شارحاً سبب رغبة الحزب بالتأجيل -رغم أنه مرتاح شعبياً- بقوله: "إذا سُئلنا لماذا نفضّل التأجيل نقول لأنّه سترجع تدبك بالسياسية في العديد من البلدات والمدن، ونحن لم نصدّق متى هدأ البلد... أيضاً هناك التهديدات الإسرائيلية". واستدرك قائلاً: "لكن لا نمانع بإجراء الانتخابات في موعدها المقرر".

لماذا لم تتأجل الانتخابات إذاً؟

من استعراض المواقف السابقة يبدو بوضوح أن الدفع بتأجيل الانتخابات كان كبيراً، لكن الإشكالية التي كانت تواجه الراغبين بالتأجيل هي:

  1. تحاشي الظهور أمام الرأي بمظهر المعرقل لتداول السلطة، لما لذلك من انعكاسات سلبية شعبياً على الفريق الذي يسعى للتأجيل، وبالتالي لم يجرؤ أحد في لبنان على إعلان رغبته بتأجيل الانتخابات بالمطلق. (تراوحت المواقف بين طلب تأجيل محدود لأسباب مختلفة، وبين تقديم الإصلاحات على المواعيد القانونية).


  1. الحاجة إلى اتفاق بين الكتل النيابية الكبرى على التأجيل، لأنه ما لم يصدر قانون عن مجلس النواب بالتأجيل، تصبح وزارة الداخلية ملزمة بإجراء الانتخابات وفق القانون النافذ، وبما أن قوى 14 آذار كلها – ومعها رئيس الجمهورية- تريد الانتخابات في وقتها، فقد كان متعذراً تأمين الغالبية لتمرير قانون التأجيل.

  1. رغبة الرئيس نبيه بري في إجراء الانتخابات في موعدها، ووفق القانون النافذ أيضاً، (لم يبدِ وزراء حركة "أمل" ارتياحاً للنسبية، ثم ربطوا اعتمادها بالانتخابات البلدية باعتمادها في الانتخابات النيابية) وبما يؤمّن له إعادة إنتاج مجالس بلدية، يتشارك فيها مع "حزب الله"، بشكل مريح، إذ تمثل الفترة الحالية أعلى مراحل التوافق السياسي مع الحزب المذكور، فضلاً عن حصول "مصالحات" وإعادة اصطفافات سياسية جعلت تحالف "أمل –حزب الله" أكثر ارتياحاً على الصعيد الشعبي، وتالياً ليس ثمة حاجة للتأجيل عند "أمل".

  1. إصرار وزير الداخلية زياد بارود، -ومن خلفه الرئيس ميشال سليمان- على إجراء الانتخابات في موعدها، بغض النظر عن إقرار التعديلات، وهو موقف ينطلق من احترام القانون، لأن بارود – وكما صرّح هو-: "الوحيد الذي يترتب عليه مسؤولية مباشرة، في حال عدم إجراء الانتخابات في وقتها، لأنه الوزير المعني بهذا الملف".


  1. الرفض "العملي" للتأجيل، الذي كانت قد أعلنته "القوات اللبنانية"، من خلال التلويح بالطعن "أمام المجلس الدستوري بأي قانون يهدف إلى تأجيل الانتخابات"، إذ من شبه المؤكد أن المجلس الدستوري سيبطل أي تأجيل، لأن المجلس نفسه كان قد أصدر قراراً يحمل الرقم 2/97 أبطل فيه قانون التمديد للمجالس البلدية والاختيارية عام 1997، استناداً ضرورة تأمين تداول السلطة، واحترام المهل القانونية، والمادة 25 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي انضم إليها لبنان عام 1972.



حسم تحالف "أمل-حزب الله" خياره فأُحرج عون

بعد فترة من "اللا قرار"، حسم تحالف "أمل- حزب الله" مؤخراً أمره باتجاه خوض الانتخابات، وفق القانون النافذ، الأمر الذي أوقع العماد عون بإحراج كبير، بعدما رفع السقف كثيراً في رفضه إجراء الانتخابات بلا "إصلاحات". وعندما تأكد لعون أن الانتخابات ستجري في وقتها، بلع مواقفه السابقة، وصرح: "إننا نريد أن يتم التصويت على القانون كما ورد من الحكومة، وإذا خسرنا (معركة إقرار القانون) فسنشارك في الانتخابات على أساس القانون القديم". وفي السادس من الشهر الجاري قال عون إن "الانتخابات ستحصل، ولا يهمّ إذا حصلت في 2 أيار أو 2 حزيران، والكذبة الكبيرة أن يُشعروا الناس بعدم حصول انتخابات، ثم تحصل". وهكذا اضطر عون للقبول بإجراء الانتخابات على أساس النظام الأكثري، كما اضطر لخوضها في العاصمة من دون تقسيمها إلى دوائر، كما كان يدعو. (قال عون في 22 آذار الماضي: "لن نقبل أن يتمّ الانتخاب في بيروت دائرةً واحدة ولو نزلت السما ع الأرض، فنحن تنازلنا عن تقسيم بيروت بسبب النسبية، فهل يضحكون علينا؟").

والواقع أن عون ظل يضغط باتجاه التأجيل -أو إقرار النسبية بالحد الأدنى-، حتى اللحظة الأخيرة، لكن مشكلته الكبرى كانت "حليف حليفه" الرئيس نبيه بري، الذي رفض اقتراحاً لعون بأن يـُعرَض مشروع القانون المقدم من الحكومة على المجلس، ولو لم يـُقر، على أساس أن القانون يصبح نافذاً حكماً، بعد أربعين يوماً، ويمكن أن يصدّقه رئيس الجمهورية، إلا أن بري لم يتجاوب مع هذا الطرح. كما لم يقف بري إلى جانب عون في دعوته إلى تقسيم بيروت. من أجل ذلك غمز عون من قناة بري عندما قال في 24 آذار الماضي: "إن موضوع الانتخابات البلدية يُطرح بشكل عشوائي، فبعد توافق كل الأحزاب الممثلة في مجلس الوزراء على صيغة معينة، هاهم يسقطونها اليوم في اللجان، ويدّعون أن ليس لديهم وقت... إنهم يحاولون إعادة رسم الخريطة السياسية في لبنان".

وما لم يصرّح به عون، أوضحه النائب في كتلته، يوسف خليل، لصحيفة "الشرق الأوسط"، في 25 آذار الماضي، فأشار إلى أن "عون رفض ديمقراطياً إجراء الانتخابات بالقانون القديم حتى لو بقي وحده، في حين يجد حلفاؤه في حركة أمل وحزب الله أن ظروفهم تتطلب عدم التعديل، إلا أن ذلك لن يؤدي إلى شرخ في تحالفه معهم، وربما لدى الحزب والحركة قناعات توجبها ظروفهم الانتخابية، لكن التيار الوطني الحر سيشارك في العملية الانتخابية".

إشارة إلى أن عون قال لصحيفة النهار يوم أمس: "إن ما حصل في بيروت (عدم تقسيمها كبديل عن النسبية) يشكل أزمة سياسية كبيرة وكبيرة جداً مع جميع الناس".

من يتحمل مسؤولية تأخير التحضير للانتخابات؟!

لا شك أن مفهوم حكومة الوحدة الوطنية قد خسر جزءاً كبيراً من صدقيته بما جرى، فقد أظهرت المناقشات في مجلس النواب وإعادة تظهير المواقف داخل وخارج البرلمان، أن نوعاً من التخادع كان يجري في مجلس الوزراء، ذلك أن القناعة بالنسبية لم تكن نفسها لدى الجميع، وأن ثمة من صرّح لاحقاً بأنها غير مناسبة (وقد تكون فعلاً كذلك، لا سيما في البلدات الصغرى)، لكنه كان يقول داخل الحكومة شيئاً معاكساً لما أعلن عنه لاحقاً. وتالياً فإن الذين انقلبوا على مواقفهم في مجلس الوزراء هم الذين يتحمّلون فعلياً مسؤولية "مفاجأة" الهيئات الناخبة بالمواعيد الداهمة للانتخابات، بعدما ساد الاعتقاد في وقت من الأوقات أن التأجيل واقع لا محالة.


بين تأخر الثنائي الشيعي في حسم أمره، وبين الرغبات الموءودة لعون وبعض القوى السنية الصغيرة بتأجيل الانتخابات، وحده فريق الرابع عشر من آذار واضحاً في تأكيده إجراء الانتخابات في موعدها منذ البداية، وهذا ما سارت عليه الأمور لاحقاً؛ ففي عز الكلام عن التأجيل، سُئل الرئيس سعد الحريري، منتصف الشهر الماضي، عن حصول الانتخابات البلدية في موعدها، فأجاب: "إن احتمال تأجيلها لا يتعدى نسبة صفر بالمئة". ولعل كثيراً من القوى والفعاليات المنهمكة في التحضير للانتخابات اليوم، لم تصدقه يومها!.


 
          مواضيع ذات صلة  

  محيط البوك التعليقات : 0 تعليق

  محيط البوك إضافة تعليق


5 + 9 =

/300
  صورة البلوك اعلانك يحقق أهدافك
  صورة البلوك مكتبة الصوتيات الاسلامية
  صورة البلوك السيرة النبوية وحياة الصحابة

  صورة البلوك صور الاعشاب

  صورة البلوك الاطباق

  صورة البلوك جديد دليل المواقع