التوافق الانتخابي في صيدا: ما له وما عليه وموقف القوى السياسية منه

  محيط البوك الخبر

قسم الاخبار
  التوافق الانتخابي في صيدا: ما له وما عليه وموقف القوى السياسية منه     
 

الكاتب :    

 
 

 الزوار : 2321 |  الإضافة : 2010-05-01

 

الخطب المكتوبة والمقالات

 مقالات الاستاذ فادي شامية



طغت أجواء المعركة الانتخابية في صيدا لغاية النصف الأول من شهر نيسان الجاري. لم يكن يتوقع أحد أن تتوافق القوى السياسية المؤثرة على مرشح لرئاسة البلدية، إلى أن طُرح اسم محمد السعودي، الذي لم يكن أكثر الصيداويين يعرفونه إلى قبل أيام خلت،

التوافق الانتخابي في صيدا: ما له وما عليه وموقف القوى السياسية منه

اللواء- السبت,1 أيار 2010 الموافق 17 جمادى الاولى 1431 هـ

كتب فادي شامية

http://www.aliwaa.com/default.aspx?NewsID=178609

طغت أجواء المعركة الانتخابية في صيدا لغاية النصف الأول من شهر نيسان الجاري. لم يكن يتوقع أحد أن تتوافق القوى السياسية المؤثرة على مرشح لرئاسة البلدية، إلى أن طُرح اسم محمد السعودي، الذي لم يكن أكثر الصيداويين يعرفونه إلى قبل أيام خلت، رغم نجاحه في عالم المال والأعمال في الخارج، ومده يد المساعدة، عبر التوظيف، لأبناء مدينته صيدا.

دخول السعودي إلى الأجواء الانتخابية جاء من خلال النائب بهية الحريري، رغم أن الرجل أقرب – أو على الأقل كان أقرب- منها إلى النائب السابق أسامة سعد، لكنه ليس من النوع الذي يقطع مع أحد، كما أن علاقته توطدت بالنائب الحريري في الفترة التي أعقبت الانتخابات النيابية الأخيرة، سيما مع انضمامه إلى اللقاء الذي دعت إليه -والنائب الرئيس فؤاد السنيورة- تحت عنوان: "سبل التعاون من أجل النهوض بمدينة صيدا وتنميتها". علماً أن أسامة سعد كان قد أعلن في 14 آذار الماضي أن "صيدا ليست بحاجة إلى تشكيل مجالس لوردات مالية وغير مالية، لا تسمن ولا تغني من جوع، إنما وظيفة (هذه اللقاءات) الحقيقية تتمثل في خدمة أهل البلاط أو مجلس الحكم المحلي في المدينة برئاسة تيار سياسي فئوي مذهبي"!.

مع توطُّد علاقة الحريري والسنيورة بالرجل، بدأ التفكير في طرحه مرشحاً "توافقياً" لرئاسة بلدية صيدا، لكن الأمر لم يكن محسوماً إلى وقت قريب، كما لم يكن مطروحاً للنقاش لدى مساعدي النائب الحريري والرئيس السنيورة إلا في أضيق إطار، خصوصاً أن النائب الحريري لم تكن متأكدة من نجاح "المشروع"، الأمر الذي كان سيؤدي إلى الإساءة للرجل في حال طُرح اسمه في الإعلام، ثم لم يلق التجاوب المطلوب. ومن أجل ذلك تمنت الحريري على السعودي أن يحصل على الموافقة العلنية لخصمها السياسي، أسامة سعد، قبل أن تمشي به مرشحاً متوافَقاً على اسمه، وهو ما حصل تماماً.

لماذا التوافق الآن؟!

غداة طرح اسم السعودي مرشحاً مقبولاً من الأطراف كافة لرئاسة بلدية صيدا، ثمة من اعتقد أن في الموضوع مناورة ما، لكن جدية الموضوع وملابساته، أعطى مصداقية لهذا الطرح، ودفع باتجاه التساؤل عن الأسباب الحقيقية التي تدفع بفريق سياسي، قادر على خوض معركة محسومة لصالحه، هو تيار "المستقبل"، ثم يقبل بتوافق يشترك فيه مع الآخرين!.

المتابعون في المدينة يتحدثون عن عوامل عديدة أفضت إلى هذا الخيار؛ من أهمها التأثر بالأجواء الإقليمية التي تغلّب التهدئة على الصُعد كافة، بعد التحسن الذي طرأ على العلاقة السعودية-السورية، عقب المصالحة الشهيرة في الكويت أثناء الحرب على غزة.

من جهة أخرى، فإنه لا إمكانية لاستنهاض الشارع الصيداوي على غرار ما جرى في الانتخابات النيابية الأخيرة، وبما يحقق الفارق الهائل الذي كشفته النتائج، خصوصاً بعد الأزمة المالية الحادة التي تضرب "تيار المستقبل"، والتي دفعته لتقليص خدماته ونشاطاته، بشكل لا يمكن إخفاؤه.

وأخيراً، فإن أية معركة انتخابية في صيدا ستنعكس توتراً سياسياً، ليس في صيدا فقط، وإنما في لبنان بأسره، مع أنها لن تغير من المعادلات العامة كثيراً، وهي ستُلقي على الفريق الفائز عبئاً كبيراً، خصوصاً أن المَوقِعين النيابيين لصيدا يمثلهما حالياً "تيار المستقبل"، وفي حال آلت البلدية إلى التيار أيضاً، فإن حجم المسؤولية سيكون أكبر، وتالياً فإن الاستهداف السياسي- المحق وغير المحق- سيكون أعلى، وهذا ما لا يريده التيار في هذه المرحلة بالذات.

"مستقبليون": لماذا نرمي طوق النجاة لخصمنا؟

رغم أن "كوادر" تيار "المستقبل" كلها تلتزم بقرار النائب الحريري في صيدا، إلا أن خيار التوافق المفاجئ لم يمر على هذا التيار – وعلى هذه "الكوادر"- دون صدمة أو تململ، سيما أن أكثر هؤلاء كان يعدّ الأيام لحصول استحقاق انتخابي جديد، "ينتزع" من خلاله البلدية من الفريق الآخر، وهو كان قاب أيامٍ من ذلك فقط!. (في العام 2004 أدى التحالف السياسي بين أسامة سعد وعبد الرحمن البزري، وبدعم إقليمي ومخابراتي واضح، من الفوز في الانتخابات بفارق ضئيل، ما سبّب ضربة قاسية للرئيس الشهيد رفيق الحريري، مهّدت لاستهدافه السياسي فالجسدي).

وجهة نظر "المتململين" تقوم على الآتي: مع الإقرار بمعطيات التوافق كافة، إلا أن لا شيء يجبرنا على تقديم طوق النجاة لخصمنا، وفي كل الأحوال باستطاعتنا الفوز في الانتخابات بسهولة، خصوصاً أننا لم نتوافق على برنامج، وكل ما في الأمر أننا قبلنا -كما قبل الفريق الآخر- بمرشح تزكية، وهذا لن يلغي حالة الخصومة السياسية -ولا حتى الإنمائية- على الإطلاق.

يضاف لذلك، شعور الكثير من قيادات "المستقبل" بضرورة الرد بالوقائع، على "الدعاية المضللة" للنائب السابق أسامة سعد، حول إنجازات "المستقبل" الإنمائية، وجهود نائب "الويك إند" فؤاد السنيورة، في هذا المجال، كما يُطلق عليه استهزاءً الدكتور أسامة سعد!.

الموقف قد يصبح أكثر مرارة – من وجهة نظر محايدة- إذا ما تكرّست المعركة في بيروت، على اعتبار أن عنوان المعركة هناك إصرار "حزب الله"، على إدخال مرشحين سُنّة معارضين للحريري على المجلس البلدي -إضافة إلى دعمه مطالب حليفه الاستراتيجي ميشال عون-، إذ في الوقت الذي يسمح فيه "تيار المستقبل" بتمثيل الجميع، بمن فيهم معارضوه، في صيدا، -تاركاً للمرشح التوافقي تشكيل اللائحة بلا اشتراطات معلنة- يحاول المعارضون لـ "المستقبل" الدخول إلى بلدية العاصمة، بدعم من "حزب الله"، الذي يمنع تمثيل "المستقبل" في المقاعد السنية في مناطق نفوذه، ويعطيها لحلفائه السنة (بعلبك، صور...)!.

التيار الحليف لـ "حزب الله": هل كان يمكن أن يفوز؟!

رغم طمأنته تياره بأنه ما زال قوياً في المدينة، فإن التحليل الموضوعي لموازين القوى يشير إلى أنه لم يكن بمقدور التيار الذي يقوده الدكتور أسامة سعد في صيدا أن يفوز في الانتخابات البلدية، ذلك أن نتائج الانتخابات النيابية التي جرت قبل أقل من سنة أظهرت بوناً شاسعاً في الأرقام، وصل إلى حد الضعفين تقريباً (نال أسامة سعد 13512 صوتاً، ونالت بهية الحريري 25460 صوتاً، ونال فؤاد السنيورة 23041 صوتاً). صحيح أن الفارق في الانتخابات البلدية لن يكون بهذا الحجم، نظراً لتغير الظروف وتغير طبيعة المعركة، إلا أن تحالفاً يضم إلى الحريري- "الجماعة الإسلامية"، وبوجود ماكينة انتخابية قوية، كان لا يمكن أن يسمح للتيار الحليف لـ "حزب الله"، بحصول ولو خرقٍ واحد، سيما أن النائب السابق أسامة سعد لم يلمس تجاوباً من العائلات الصيداوية الكبيرة، خلال جولاته السابقة، لتسمي مرشحين يخوضون إلى جانبه معركة كسر عظم في صيدا، كما أنه لم يكن لديه مرشح قوي لرئاسة البلدية، فضلاً عن التباين المستمر منذ مدة بينه وبين حليفه عبد الرحمن البزري، نتيجة الحسابات الخاصة بكل منهما.

هذا الواقع لا يلغي أن قسماً من جمهور الدكتور أسامة سعد كان متحمساً لخوض معركة انتخابية، ربما لقناعته بالفوز فيها، أو على الأقل لإثبات الوجود، وفي كل الأحوال، حتى لا يقال إن تيار أسامة سعد هادن و"تخلى عن مبادئه"، وهذا ما دفع الدكتور سعد في غير مناسبة للتذكير بأن موافقته على السعودي لا تعني توافقاً، لا سياسياً ولا إنمائياً، وإنما الموافقة على "مرشح تزكية" من أجل تنمية المدينة، مع توجيهه انتقادات متعددة لتيار الحريري، في المؤتمر الصحفي نفسه، الذي عقده للإعلان فيه عن القبول بالسعودي، بعد أن استشار حلفاءه؛ السيد حسن نصر الله، والرئيس نبيه بري، وربما آخرين أيضاً. ثم جاء تسريب أسماء عدد من المرشحين في لائحة السعودي من أحد المقربين منه، ليلقي ظلالاً من الشك حول مطامح الدكتور سعد، ورغبته في تحصيل أكبر قدر مكن من الأسماء المحسوبة عليه في المجلس البلدي، وهو الأمر الذي كان قد علّق عليه المرشح السعودي قبل أيام بأنه "يهدف إلى وضع عراقيل بيني وبين أصدقائي السياسيين في المدينة".

هل تسحب "الجماعة الإسلامية" دعمها للتوافق؟

حال التململ تنسحب أيضاً على جمهور "الجماعة الإسلامية" في صيدا، ليس فقط لأن الطريقة التي أُعلن فيها عن اسم المرشح السعودي أظهرت وكأن "الجماعة الإسلامية" مجرد ملحق بـ"تيار المستقبل" (قبيل الاتفاق على اسم السعودي زارت النائب الحريري أمين عام "الجماعة الإسلامية" إبراهيم المصري لإطلاعه على التوافق، دون أن تكون الجماعة بصورة ما يجري من البداية). وإنما لأن الجماعة كانت تمني النفس بخوض انتخابات بلدية، بالتحالف مع "تيار المستقبل"، تكون فيها شريكة باللائحة ككل، رئيساً وأعضاءً.

ومن وجهة نظر "الجماعة الإسلامية" فإنها كانت قد قدّمت لـ "تيار المستقبل" الأرضية السياسية والجماهيرية، لتأمين فوز باهر للرئيس السنيورة في الانتخابات النيابية الأخيرة، بعد جدل داخلي كبير، وهي كانت تحضّر نفسها لمعركة انتخابية ثانية إلى جانب "المستقبل" في حال قرر خوض غمار المعركة الانتخابية في عاصمة الجنوب، تحت عنوان "الشراكة المستمرة"، التي تحدثت عنها النائب الحريري لدى زيارتها مركز الجماعة، قبل أيام قليلة على طرح التوافق على المرشح السعودي.

وتختصر الجماعة مقاربتها للمسألة بالحرص على التوافق، إذا حصل، وإلا فالمنافسة الانتخابية، وهي بطبيعة الحال ستكون إلى جانب "المستقبل" في خيار المنافسة، نظراً لتقارب الطروحات السياسية ولتداخل المؤيدين مع "المستقبل"، لا مع سواه، لكن الجماعة كالعادة تبقي خياراتها مفتوحة، سيما أن من ثوابت سياستها عدم القطع مع أحد في لبنان، إلا ما ندر. لذا فلم يكن أمام الجماعة إلا الموافقة على التوافق، سيما أن هذا هو طرحها السياسي مع كل استحقاق بلدي، وهي ظلت تسعى للتوافق في انتخابات العام 2004، إلى أن أعلن المرشح وقتها عبد الرحمن البزري خوضه الانتخابات إلى جانب حليفه الجديد أسامة سعد... عندها فقط دخلت غمار المعركة.

المستجد في الساعات القليلة الماضية شعور الجماعة أن التوافق، جاء على حسابها، تحت عنوان استبعاد المرشحين الحزبيين، علماً أن الجماعة حالة تنظيمية أكثر من أية قوة أخرى، (المستقبل لم يتحول إلى حزب بعد، فيما الحالة التنظيمية لأسامة سعد ضيقة جداً بالمقارنة مع الجمهور المؤيد له، فيما الجماعة حزب إيديولوجي بالأصل)، ومن الطبيعي والحال هذه أن تكون صلة الأسماء المطروحة بمرجعيتها أوضح من سواها.

إزاء هذا الواقع، ثمة تفكير جدي لدى قيادة الجماعة – وفق ما علمت اللواء- لدرس خيار الانسحاب من التوافق، مع ما يعنيه ذلك من آثار على علاقتها بـ"تيار المستقبل"، وهي علاقة مبنية على مراكمة التحالفات والتقاربات منذ العام 1998، في صيدا (الانتخابات البلدية).

وسواء كانت الجماعة محقة في تحميلها "المستقبل" مسؤولية استبعاد بعض من مرشحيها أم لا، إلا أن المشهد سيكون دراماتيكياً في حال سحب تأييدها للتوافق، إذ سيبدو للمرة الأولى وكأن "المستقبل" قد توافق مع خصمه اللدود سعد على حساب الجماعة، الأمر الذي سيستفز الشارع "الإسلامي" في صيدا بشكل غير مسبوق.

السعودي هو السيناريو الذي كان يحلم به البزري

على صعيد الدكتور عبد الرحمن البزري فقد جاء سيناريو المرشح السعودي هدية له من السماء، ليس لأن البزري بات في هذا السيناريو خارج المحاسبة الشعبية والانتخابية، التي غيبها التوافق، بل لأن حليفه أسامة سعد لم يكن بمقدوره الدفاع عن إنجازات البلدية، أو تبنيها في حملته الانتخابية أيضاً، والأداء السياسي لأسامة سعد، قبل المعركة، كان يشير إلى ذلك بوضوح، فالرجل كان يطرح قبل التوافق عناوين سياسية من العيار الثقيل، فاصلاً المعركة الانتخابية عن الأداء البلدي. وأكثر من ذلك فسيكون للبزري بالتأكيد مرشحين محسوبين عليه في هذا التوافق، الذي محضه موافقته، وأكّدها بجولة ميدانية قام بها مع المرشح السعودي في شوارع صيدا قبل أيام!.

ماذا عن الشارع الصيداوي؟

ما سبق لا يعني بالضرورة أن الشارع الصيداوي يرفض التوافق، أو أن التوافق ليس من مصلحة صيدا، أو أنه لا يريح المدينة سياسياً وإنمائياً، لكن الناخب الصيداوي يسأل أيضاً عن موقعه ورأيه في المعادلة حينما تتفق القوى السياسية، خصوصاً أنه لا يعرف على ماذا اتفقوا – إذا كانوا قد اتفقوا أصلاً على غير اسم السعودي- فضلاً عن أن التوافق يكون من خلال برنامج لا مرشح، مع الإقرار بالاحترام الظاهر في الشارع الصيداوي لهذا المرشح بالذات، أي محمد السعودي. ثم إن هذه التزكية قد حرمت الناس من محاسبة البلدية السابقة، فيما أحسنت به أو أخفقت، كما أنها بحد ذاتها، ليست محصنة، ولا تقوم على أي ضمان للمستقبل، إذ يستحيل ألا يتأثر أعضاء المجلس البلدي بالتجاذبات الحادة بالبلد إذا ما عادت لاحقاً، ما يعني أن المجلس البلدي قد يكون معرضاً للفشل!.


 
          تابع أيضا : مواضيع ذات صلة  

  محيط البوك التعليقات : 0 تعليق

  محيط البوك إضافة تعليق


2 + 2 =

/300
  صورة البلوك ملتقى الشفاء الاسلامي
  صورة البلوك اعلانك يحقق أهدافك
  صورة البلوك مكتبة الصوتيات الاسلامية
  صورة البلوك السيرة النبوية وحياة الصحابة

  صورة البلوك صور الاعشاب

  صورة البلوك الاطباق