المعاقبة المستمرة لصيدا

  محيط البوك الخبر

  طباعة  
المعاقبة المستمرة لصيدا

   الكاتب :

 

 الزوار : 2129   الإضافة : 2010-10-03

 

في 24 كانون الثاني الماضي، كسر الرئيس نبيه بري عرفاً عمره نحو أربعين سنة، يقضي بأن يكون رئيس "غرفة التجارة والصناعة والزراعة في صيدا والجنوب" صيداوياً سنياً، إذ رأى الرئيس بري أن هذا الموقع يجب أن يؤول إلى الشيعة من أهل الجنوب

عرقلة مقصودة لمناقصة مكب النفايات وهجمات سياسية-بلدية:

"معاقبة" صيدا على خياراتها... مستمرة!

فادي شامية

في 24 كانون الثاني الماضي، كسر الرئيس نبيه بري عرفاً عمره نحو أربعين سنة، يقضي بأن يكون رئيس "غرفة التجارة والصناعة والزراعة في صيدا والجنوب" صيداوياً سنياً، إذ رأى الرئيس بري أن هذا الموقع يجب أن يؤول إلى الشيعة من أهل الجنوب (تزامن ذلك مع دعوة بري إلى إلغاء الطائفية السياسية!). وإزاء هذا الإصرار، وحتى لا تأخذ الانتخابات طابعاً مذهبياً انسحب المرشحون المحسوبون على "تيار المستقبل" و"الجماعة الإسلامية" جميعهم، وبقي المرشحون السنّة المحسوبون على أسامة سعد (حليف "حزب الله"-"أمل")، والمنضوون في اللائحة التي يرأسها رجل الأعمال محمد صالح (محسوب على بري). وهكذا فازت لائحة صالح بالتزكية، وقيل يومها إن هذا الموقف جاء رداً على انتخاب صيدا الرئيس فؤاد السنيورة نائباً عنها، إلى جانب النائب بهية الحريري، خلافاً لرغبة تحالف كل من "حركة أمل" و"حزب الله"، بعد أن أصبحت صيدا دائرة انتخابية مستقلة، بحكم القانون الانتخابي الذي اعتمد في اتفاق الدوحة عام 2008.

رئاسة اتحاد البلديات بعد رئاسة "غرفة التجارة والصناعة والزراعة"

في 23 أيار الماضي جرت الانتخابات البلدية في صيدا، ومُني أسامة سعد بهزيمة قاسية (سحب الرئيس بري مرشحه من لائحة الحريري ـ "الجماعة"، في محاولة منه لحشد الصوت الصيداوي الشيعي كله لسعد)، وسرعان ما جاء الرد برفض الرئيس نبيه بري ترؤس بلدية صيدا لـ "اتحاد بلديات صيدا ـ الزهراني"، خلافاً للعرف القائم منذ تأسس الاتحاد (الاتحاد يضم 16 بلدية). ولأن عدم ترؤس بلدية صيدا للاتحاد أمر غير منطقي بالمطلق، لأنها عاصمة الجنوب وبوابته، ولأنه لا يُعقل أن يرأس الاتحاد قرية لا يتجاوز عدد ناخبيها 1/14 من ناخبي مدينة (عدد ناخبي صيدا نحو 55 ألفاً، بينما لا يزيد عدد ناخبي البلدات المجاورة المكونة للاتحاد مجتمعة 30 ألفاً)، ولأن سكان البلدات الأخرى المكونة للاتحاد في جزء كبير منهم من أهالي صيدا، ولأن صيدا هي التي تتحمل مخلفات الصرف الصحي والنفايات لها وللاتحاد كله.

موقف المدينة من هذا الأمر عبّر عنه أهاليها قبل السياسيين... وإزاء الرفض المطلق لتغيير هذا العرف، تحت طائلة الانسحاب من اتحاد "بلديات صيدا –الزهراني"، وتشكيل اتحاد بديل مع "البلديات الراغبة"، وحتى لا يؤدي حدوث مثل هذا الأمر إلى تزكية للفتنة الطائفية أو المذهبية، فقد توافق الجميع على حل يقضي بتأجيل الانتخابات، فتسلم محافظ الجنوب نقولا بو ضاهر عريضة في 25 حزيران الماضي تطالب بالتأجيل.

وفي 3 آب الماضي كلف وزير الداخلية زياد بارود محافظ الجنوب بتصريف أعمال اتحاد بلديات صيدا الزهراني "الإدارية والمالية الضرورية والملحة، بشكل مؤقت" بانتظار انتخاب رئيس ونائب رئيس. جاء هذا القرار إثر كتاب وجهه رئيس بلدية صيدا المهندس محمد السعودي إلى الوزير بارود، وتابعته النائب بهية الحريري، بعد تفاقم مشكلة صرف رواتب موظفي وعمال الاتحاد... وما يزال الحال على حالة منذ ذلك التاريخ؛ الاتحاد في غيبوبة لا يخرجه منها إلا موافقة بلدية صيدا على التخلي عن رئاسته!.

هجمات منهجية على البلدية

في 21 حزيران الماضي استلم رئيس بلدية صيدا محمد السعودي مهامه البلدية، وبعد 24 ساعة بدأ الهجوم عليه على خلفية زيارة عدد من الشخصيات لتهنئته!، ولم يمر شهر واحد على بدئه مهامه حتى بدأ الحديث عن تقصير البلدية؛ إنمائياً، وخدماتياً، وبيئياً... مرة باسم الدكتور أسامة سعد، ومرة باسم "اللقاء الوطني الديمقراطي" (يضم مجموعة أحزاب وشخصيات ويرأسه سعد نفسه)، ومرة باسم لجان أحياء لم تكن موجودة من قبل!.

بدا واضحاً أن خلفية الأمور أكبر من المطالب البلدية، ليس لأنها جاءت عقب تسلم السعودي مهامه مباشرة فحسب، وإنما لأن الملفات التي فُتحت، تحمل في طياتها، الاتهام بالتقصير لمن فتحها، باعتباره كان ممسكاً بالبلدية طيلة ست سنوات خلت.

ولم يقف الأمر عند هذا الحد، وإنما انتقل إلى التحريض الميداني للناس، وإقحام البلدية في ملفات لا علاقة لها بها (تقنين الكهرباء، انقطاع المياه، مشكلات خارج الحدود البلدية لصيدا...)، و"فبركة" مواقف وأقاويل للنيل من سمعة رئيس البلدية، وتصويره -خلافاً للحقيقة- متعالياً على الناس، أو رافضاً الاستماع لشكواهم، أو مهاجماً الصحافة، أو مخرّباً للبيئة... وصولاً إلى إصدار بيان حمل توقيع "اللقاء الوطني الديمقراطي" يخاطب السعودي بـ "رئيس البلدية الذي بهرت أضواء السلطة بصره، فلم يعد يرى جيداً، ولم يعد يميز بين الواقع والوهم"!. (جاء هذا الكلام تحديداً على خلفية مشروع تخليص البلدية شاطئ صيدا من مشكلة عمرها 30 سنة، تتمثل بـ 8 مصبات للمياه الآسنة، وقد تبين أثناء العمل أن مضخاتها شبه معطلة ويتآكلها الصدأ، ما تسبب ببعض الإشكالات!).

... وعرقلة مناقصة مكب النفايات

منذ أكثر من 30 سنة، يربض على صدر مدينة صيدا مكب للنفايات، -تحول مع الوقت إلى جبل للنفايات- مانعاً أهلها من تنفس هواء نقي، ومن التمتع ببحر نظيف. المحاولات سابقاً لم تفلح في إزالة هذا الجبل، لأسباب كثيرة، يضيق المجال بشرحها (مطمر بديل، تمويل، معمل معالجة...). ينطبق هذا الأمر على البلدية التي رئسها الدكتور هلال قبرصلي (1998-2004)، كما ينطبق على البلدية التي رئسها من بعده الدكتور عبد الرحمن البزري (2004-2010). البلدية الأولى أطلقت مشروع معمل معالجة النفايات، والبلدية التالية أمنت هبة مالية قدرها 5 مليون دولار لإزالة جبل النفايات... ومع ذلك بقي الجبل صامداً.

عندما يلخّص رئيس البلدية الحالي محمد السعودي سبب عودته إلى صيدا (تركه أعماله التجارية في الخارج) يقول: "جئت لأخلص المدينة من جبل النفايات". (إلى هذا الحد تصل أهمية هذا الموضوع). وقد نجح الرئيس فؤاد السنيورة في تأمين هبات مالية – إضافة إلى الهبة التي قدّمها الأمير الوليد بن طلال أيام المجلس البلدي السابق- بلغ مجموعها نحو 20 مليون دولار، وبما أن الأنواء البحرية تضرب المكب سنوياً، وتحمل أجزاءً منه إلى البحر، فقد تقرر بدايةً، إقامة حاجز للأمواج, في مشروع يستغرق سنتين، ويوفر مساحة 550 ألف م2، ما بين الشاطئ والحاجز البحري، وبعد ذلك تفرز النفايات ويردم البحر بجزء منها (40 % من المساحة تقريباً)، بالتزامن مع إقفال المكب، وتشغيل معمل معالجة النفايات.

في 29 أيلول، وفي الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء –يوم الأربعاء- أصيبت هذه الخطة بنكسة متعمدة!، إذ قام وزراء فريق الثامن من آذار مجتمعين، بعرقلة إقرار إجراء مناقصة لمكب نفايات صيدا، بدعوى أن المبلغ المرصود سابقاً هو 20 مليون دولار، في حين أن تكلفة المناقصة الواردة إلى مجلس الوزراء تبلغ 29 مليون دولار، أي بزيادة قدرها 9 مليون دولار.

ومع أن مجموع الهبة المخصصة للمشروع تبلغ 20 مليون دولار، مضافاً إليها 20 مليون دولار أخرى مرصودة في الموازنة، أي أن المجموع هو 40 مليون دولار، ومع أن العادة درجت أن تغطي وزارة المالية هذه الفروقات في إجمالي المشروع -إن حصلت-، وأن ذلك حصل مع مشاريع أخرى في أكثر من منطقة في لبنان، ومع أن الأمين العام لمجلس الوزراء سهيل بوجي أوضح الرأي القانوني في المسألة، وذكر عدداً من الحالات المشابهة، إلا أن وزراء فريق الثامن من آذار، ولأسباب كيدية –على ما يبدو- أسقطوا هذا البند!.

الأسوأ في الأمر أن ثمة من "يتبأ" بمقاربة عمر هذه الحكومة على النفاذ، وبأن الفراغ هو من سيخلفها، في إطار "منازلة" المقايضة بين العدالة والاستقرار، ما يعني ضياع مزيد من الوقت قبل التخلص من جبل النفايات.

قبل يومين قال الدكتور عبد الرحمن البزري (أثناء استقباله وفد حركة "أمل"): "صيدا لن تكون خنجراً في ظهر المقاومة"!، متناسياً أن صيدا هي المقاومة، وأن أبناءها هم أول من أطلق شرارتها، يوم كانت المقاومة مقاومة!، وأن ابنها الشهيد رفيق الحريري هو من شرّع المقاومة في العالم، وأنها حضنت المقاومين لاحقاً –بقناعةٍ- بعد أن صاروا –لأسباب لا علاقة لها بها- لوناً واحداً، وأن كثيراً من أبنائها ما زالوا على رباط، وأن مثل هذا الكلام لا يقال عن صيدا "العظيمة"، لأن نفي المنفي إثبات له، ولأن الأَولى بمن يريد التحدث باسم صيدا أن يطالب الجميع بعدم طعنهم المدينة في ظهرها، (المدينة ليست معنية بالدفاع عن وطنيتها فهي أكبر من التشكيك)، لأنها لم تكن يوماً إلا مقاوِمة، وحاضنة، ومحبة، ومتسامحة... مهما أساء إليها، أو عاقبها على خياراتها، الأقربون والأبعدون!.


 
          مواضيع ذات صلة  

  محيط البوك التعليقات : 0 تعليق

  محيط البوك إضافة تعليق


4 + 9 =

/300
  صورة البلوك اعلانك يحقق أهدافك
  صورة البلوك مكتبة الصوتيات الاسلامية
  صورة البلوك السيرة النبوية وحياة الصحابة

  صورة البلوك google_ashefaa

  صورة البلوك صور الاعشاب

  صورة البلوك الاطباق

  صورة البلوك جديد دليل المواقع