إلغاء المحكمة الدولية

  محيط البوك الخبر

  طباعة  
إلغاء المحكمة الدولية

   الكاتب :

 

 الزوار : 2628   الإضافة : 2010-09-14

 

ليس سراً القول إن "حزب الله" يريد إلغاء المحكمة الدولية نهائياً. قد يبدو للبعض أن هذه الإرادة مستجدة، لكن مراجعة الوقائع منذ العام 2005 وحتى اليوم تفيد أن "حزب الله" لم يكن يريد للمحكمة أن تقوم، وأنه عمل جاهداً على عرقلة قيامها، وأنه تعاطى معها –بعد نجاح فريق 14 آذار في فرضها عبر مجلس الأمن

طلب من أمير قطر إقناع فرنسا بسحب تأييدها للمحكمة:

"حزب الله" يخوض "معركة" إلغاء المحكمة الدولية

فادي شامية - الثلاثاء,14 أيلول 2010 الموافق 5 شوال 1431 هـ

ليس سراً القول إن "حزب الله" يريد إلغاء المحكمة الدولية نهائياً. قد يبدو للبعض أن هذه الإرادة مستجدة، لكن مراجعة الوقائع منذ العام 2005 وحتى اليوم تفيد أن "حزب الله" لم يكن يريد للمحكمة أن تقوم، وأنه عمل جاهداً على عرقلة قيامها، وأنه تعاطى معها –بعد نجاح فريق 14 آذار في فرضها عبر مجلس الأمن- على أساس أنها مولود غير شرعي وغير مرغوب فيه، وأنه حالما تسمح الظروف لقتله فإنه سيفعل.

وعليه، فإن إطلالة السيد حسن نصر الله الأولى في "سلسلة إطلالات المحكمة الدولية"، في 16/7/2010، لم تكشف رغبة "حزب الله" في إلغاء المحكمة -على أساس أن هذه الرغبة قديمة- وإنما كشفت انطلاق "معركة إلغاء المحكمة". بمعنى آخر فإن قول السيد نصر الله في "يوم الجريح": "لقد أعددنا ملفاً حول المحكمة" يفهم منه أن "حزب الله" أعد ملف "إعدام" المحكمة، بناءً على قراءة لديه تقول إن الظرف السياسي بات يسمح بالتخلص من أحد مفاعيل الفترة التي أعقبت اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، نتيجة تعديل موازين القوى.

والواقع أن موقف "حزب الله" –القديم- من المحكمة كشفه السيد حسن نصر الله نفسه في مؤتمره الصحفي في 9 آب الماضي، رداً على أحد الصحفيين الذين سألوا عن موافقة "حزب الله" على المحكمة علناً، في أولى جلسات الحوار الوطني، وفي بيان حكومة "الوحدة الوطنية" التي أعقبت اتفاق الدوحة، فقال نصر الله: "خلال نقاشات الحكومة كان هناك طرح أن نتحفظ على بند التعاون مع المحكمة الدولية وصرفنا النظر عنه، لكن موقفنا منها معروف وقديم"!.

أما قرار حزب الله –الجديد- المتعلق بـ"إعلان الحرب" على المحكمة، وصولاً إلى إلغائها، فقد كشفه عضو المكتب السياسي لـ"حزب الله" محمود قماطي، في حديث صحفي قال فيه بوضوح شديد: "مطلبنا هو إلغاء المحكمة الدولية واستبدالها، وإلغاء مفاعليها، وإلغاء المعاهدة القائمة بشأنها"!.

مساران متوازيان

لا شك أن إلغاء المحكمة هدف كبير، ليس لأن فئة كبيرة من اللبنانيين ما تزال متمسكة بالمحكمة فحسب، وإنما لأن المحكمة –وبعد عرقلة إقرارها عبر مجلس النواب- صدرت بقرار دولي، وبالتالي فإنه لا يمكن إلغاؤها إلا بقرار دولي، وهذا أمر صعب للغاية، وليس ثمة سابقة له. ولأن "حزب الله" يدرك هذا الواقع تماماً فإنه يعمل وفق مسارين متوازيين:

المسار الأول: هو عرقلة عمل المحكمة، وإضعافها، وصولاً إلى موتها نهائياً، سواء صدر قرار عن مجلس الأمن بذلك أو لم يصدر.

المسار الثاني: هو التدمير المنهجي للمحكمة، بحيث تصبح أغلبية ساحقة من اللبنانيين ضدها؛ إما لعدم القناعة بعدالتها، وإما نتيجة الخوف من تداعيات قراراتها على السلم الأهلي والاستقرار في البلد... ثم الانطلاق من هذا الواقع الشعبي لبناء منظومة سياسية تجعل المحكمة الدولية فاقدة لأية فعالية -في حال استمرت على قيد الحياة-. ولا يضير هذا المسار أن يبقى سعد الحريري رئيساً للحكومة، بل لعل الأفضل -لهذا المسار-أن يقوم سعد الحريري نفسه بإفقاد المحكمة فعاليتها، تحت عنوان أن البلد أهم من الحقيقة ومن العدالة... وإذا كان هذا الأمر صعباً على سعد الحريري، فإنه بالإمكان تشكيل سلطة سياسية جديدة "قادرة على التعامل مع المحكمة".

الأمر الطبيعي –والهدف هذا- أن يكون لكلا المسارين وسائله المعتمدة، التي تتنوع بين الداخل والخارج، على أساس أن عرقلة عمل المحكمة يحتاج إلى قرار سياسي لبناني رسمي، كما يحتاج إلى قرار سياسي دولي. كما أن إفقاد المحكمة صدقيتها يرتكز على آلة إعلامية ضخمة تستهدف الداخل كما الخارج أيضاً، لأن "حزب الله" ليس مجرد حزب لبناني، وإنما هو شديد الاهتمام بصورته في الخارج.

الضغط على الدول الداعمة للمحكمة

في المسار الأول، فإن الواضح حتى الآن أن عرقلة عمل المحكمة الدولية يقوم -في ركنه الخارجي- على إقناع الدول الداعمة للمحكمة – أو الضغط عليها- من أجل سحب دعمها لها. مصدر مطلع كشف أن التركيز -في هذا المجال- منصب على فرنسا، وأن "حزب الله" طلب من أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، خلال زيارته الأخيرة إلى لبنان، إقناع فرنسا بسحب تأييدها للمحكمة، "حفاظاً على الاستقرار والسلم الأهلي"، وأن أمير قطر نقل هذه الرغبة إلى فرنسا التي رفضت ذلك. المصدر نفسه أكد أن النائب وليد جنبلاط -وخلال زيارتين له إلى باريس- تحدث مع أكثر من شخصية فرنسية في هذا الموضوع، على أمل أن تتراجع فرنسا عن دعمها للمحكمة، لكن جنبلاط لم ينجح. (الغريب أن جنبلاط كان من أشد الداعمين للمحكمة)!.

ما كشفه المصدر المطلع لـ "اللواء" يتوافق تماماً مع ما نشرته صحيفة الحياة، يوم الأحد الماضي، نقلاً عن مصدر فرنسي، من أن جنبلاط قال لكوشنير: "إن العدالة والحقيقة مهمتان ولكن استقرار البلد أهم... وإن فرنسا ستتحمل مسؤولية حرب أهلية إذا حدث ذلك"، فكان رد كوشنير أن "باريس تعتبر أن طمس القرار الظني للمحكمة الدولية، خوفاً من زعزعة استقرار لبنان غير متناسب مع مواقف فرنسا التي تدعم المحكمة الدولية".

الأمر لم يقتصر على محاولات الإقناع، بل تعداه إلى "فبركة" الإشاعات، وقد كان أبرز هذه الإشاعات -المتعلقة بالمحكمة وفرنسا- أن الحريري نفسه، و"في إطار حرصه على الاستقرار"، طلب من الرئيس نيكولا ساركوزي، منتصف آب الماضي، إرجاء صدور القرار الاتهامي!... وقد تبين لاحقاً أن لا أساس لهذه الإشاعة... غير أن المحاولات استمرت، حيث نشرت صحيفة السفير، في 9 أيلول الجاري "المانشيت" الآتي: "فرنسا تلغي تمثيل جريمة اغتيال الحريري على أراضيها؟" ليتبين أيضاً أن لا صحة لهذا الكلام، وأن الإعداد لتمثيل الجريمة جار منذ أشهر في قاعدة "كابسيو"!.

ما هو أكثر خطورة في هذا المجال، أن وئام وهاب (الذي يقول في العادة ما يتجنب من بيدهم القرار التصريح به)، قال مؤخراً: "لن نكون رهينة عند الأمم المتحدة بل جنودها (قوات اليونيفيل ومن ضمنهم القوات الفرنسية) رهائن عندنا"!.

إعاقة التمويل

غير بعيد عن الضغوطات التي تمارس على فرنسا وعلى غيرها من الدول الداعمة للمحكمة الدولية، ثمة محاولات واضحة لإعاقة تمويل المحكمة، عبر الطلب من الدول الممولة وقف تمويلها. ونظراً لكون المملكة العربية السعودية من أكبر ممولي المحكمة فقد وصلت رغبة "حزب الله" في وقف تمويل المحكمة إليها عبر القيادة السورية، لكن الجواب السعودي-وخلافاً لما شاع في الإعلام لمدة غير قصيرة- تمثل بتسديد حصتها من تمويل المحكمة الدولية لسنة 2011.

في الإطار نفسه، كان لافتاً "المانشيت" الذي نشرته صحيفة السفير –أيضاً!- في العاشر من أيلول الجاري: "الحكومة تخالف الدستور بتهريب تمويل المحكمة"، حيث اعتبرت أن تسديد حصة لبنان من تمويل المحكمة البالغة 50 مليون دولار أقرب ما يكون إلى "التهريبة"، على اعتبار أن الموازنة لم تقر بعد، وأن الأمر تم بسرية بالغة، مع أن المستحقات على الدولة اليوم، تدفع كلها بموجب سلفات خزينة، لعدم إقرار الموازنة بعد، فضلاً عن الأمر لم يتم بسرية، لأن وزيرة المال ريا الحسن نفسها صرحت للإعلام بذلك، قبل أيام على نشر السفير لهذا الخبر.

الضغط على الحكومة لوقف تعاملها مع المحكمة

في المسار الأول نفسه؛ ثمة ضغط واضح على الحكومة لوقف تعاملها مع المحكمة الدولية، تحت طائلة إسقاط هذه الحكومة. المطلوب في هذا المجال هو التوقف عن تمويل المحكمة، والطلب من مجلس الأمن إصدار قرار بإلغائها. يقول النائب في كتلة "حزب الله" وليد سكرية في 24/8/2010: "أدعو الحكومة لاتخاذ الموقف المناسب من المحكمة الدولية، ووقف تمويلها، ووقف التعامل معها، وسحب القضاة اللبنانيين منها، وإنشاء محكمة رديفة لبنانية... وإن البقاء (بقاء "حزب الله") في الحكومة أمر غير صحيح إذا قبلت التماشي مع قرارات المحكمة لتمرير الفتنة".

ويذهب وئام وهاب –كالعادة- أكثر من ذلك فيقول في 15 آب الماضي: "المحكمة إسرائيلية، وقرارها إسرائيلي، وكل من يتعامل معها كذلك...وإذا أوقف لبنان تمويل هذه المحكمة فهي ستتوقف... وأنا أطالب وزراء المعارضة بطرح سحب التمويل من المحكمة، وإذا لم يوقفوا التمويل ادعوهم إلى الاستقالة".

الحريري نفسه- وفي إطار تواصله مع "حزب الله" سعياً لتهدئة- سمع طلباً مشابهاً من المعاون السياسي لنصر الله الحاج حسين خليل، قبل نحو شهر ونصف من الآن!.

مسار التدمير المنهجي للمحكمة

لم يبدأ مسار تدمير صدقية المحكمة حديثاً. ثمة جهود معلومة وأخرى مجهولة، بُذلت لإفقاد هذه المحكمة صدقيتها لدى شريحة واسعة من اللبنانيين، لكن "إعلان الحرب" على المحكمة –مؤخراً- ترافق مع حملات مركزة على نزاهة هذه المحكمة، ليزداد المقتنعون بتسييسها أكثر، وليخاف غير المقتنعين من تداعيات قرارها الظني. وعلى ذمة مراكز الإحصاء القريبة من "حزب الله"، فإن 60% من اللبنانيين اليوم لا يعتقدون بنزاهة المحكمة، وإن أكثر من 60% يخشون تداعيات قرارها الاتهامي!.

لم يحقق "حزب الله" هذه النتيجة إلا بعد جهد إعلامي وسياسي –وربما أمني- مكثف، تنوعت فيه الموضوعات والمداخل والشخصيات، التي يجمعها هدف واحد؛ هو النيل من مصداقية المحكمة الدولية. في هذا الإطار يمكن إدراج "سلسلة الإطلالات الإعلامية" للسيد نصر الله، اعتباراً من خطاب "يوم الجريح"، مضافاً إليها إطلالات عدد كبير من الشخصيات المكملة للصورة أمثال: وئام وهاب، وميشال سماحة، وجميل السيد، وناصر قنديل... وغيرهم. فضلاً عن دعم الحلفاء، بإعلامهم وشخصياتهم، وعلى رأسهم "الإعلام العوني" وممثلوه.

ويأتي ملف ما يسمى بـ "شهود الزور" في قلب هذا المسار، على اعتبار أن هؤلاء الشهود ومصنّعيهم "ضللوا التحقيق"، و"أساؤوا إلى العلاقات اللبنانية –السورية"، و"كانوا وراء سجن الضباط الأربعة"، و"تسببوا بفتن واضطرابات سياسية وأمنية".

ورغم تأكيد القانونيين عدم وجود ملف اسمه شهود زور بالمعنى القانوني –بمن فيهم عدنان عضوم نفسه (أسماهم في 23 آب الماضي "مفترين" في محاولة لإيجاد توصيف قانوني لهم)-، ورغم نسف بلمار للملف من أساسه في توضيحاته الأخيرة لموقع Now Lebanon ، ورغم محاولة الرئيس سعد الحريري إخراج الملف من السجال السياسي ووضعه في إطاره القانوني، عبر الطلب من وزير العدل إبراهيم نجار إعداد دراسة قانونية حول الموضوع، فإن النفخ في هذا المزمار استمر، إذا اعتبر "حزب الله" أن ما كُلف به نجار اعتراف بملف قانوني اسمه "شهود زور" وأن هدف دراسته هو البحث في السبل القانونية لمحاكمة هؤلاء ومن يقف وراءهم، كما اعتبر الحزب المذكور أن كلام الرئيس سعد الحريري الأخير لصحيفة الشرق الأوسط، ليس إلا "أول الغيث"، وأنه حتى يكون منتِجاً لا بد أن يُستتبع بمفاعيل قضائية، وصولاً إلى "رؤية حزب الله رؤوساً تتدحرج" (وفق تعبير نائب أمين الحزب)، وذلك خلافاً لرغبة الحريري من تصريحاته الأخيرة الهادفة إلى التخفيف من حدة الاحتقان وترك المسار القضائي يأخذ مجراه.

إزاء هذا كله؛ هل توجد خطة لحماية المحكمة لدى داعميها؟! لا يبدو ذلك، فالارتجالية والاعتماد على ردات الفعل –بدلاً من المبادرة- هما سمة تعاطي الفريق المؤيد للمحكمة، والأهم أن داعمي المحكمة باتوا تقريباً –لأسباب ليس هذا مجال الحديث عنها- بلا إعلام فاعل يواجه الحملات الممنهجة التي تطال المحكمة، والفترة السابقة لاتفاق الدوحة، بكل "إنجازاتها" و"رموزها".


 
          مواضيع ذات صلة  

  محيط البوك التعليقات : 0 تعليق

  محيط البوك إضافة تعليق


1 + 5 =

/300
  صورة البلوك اعلانك يحقق أهدافك
  صورة البلوك مكتبة الصوتيات الاسلامية
  صورة البلوك السيرة النبوية وحياة الصحابة

  صورة البلوك google_ashefaa

  صورة البلوك صور الاعشاب

  صورة البلوك الاطباق

  صورة البلوك جديد دليل المواقع