لهذه الأسباب يجب التمسك بالمحكمة الدولية!

  محيط البوك الخبر

قسم الاخبار
  لهذه الأسباب يجب التمسك بالمحكمة الدولية!     
 

الكاتب :    

 
 

 الزوار : 3058 |  الإضافة : 2010-09-21

 

الخطب المكتوبة والمقالات

 مقالات الاستاذ فادي شامية



قبل اليوم، حسِبَ كثيرون الربط بين معظم الأحداث والمواقف الهامة في لبنان وبين المحكمة الدولية أنه من قبيل المناورة السياسية، أو أنه بمثابة كلامٍ يُقال للتصعيد السياسي عندما تحتدم الخلافات والسجالات.

لهذه الأسباب يجب التمسك بالمحكمة الدولية!

فادي شامية
قبل اليوم، حسِبَ كثيرون الربط بين معظم الأحداث والمواقف الهامة في لبنان وبين المحكمة الدولية أنه من قبيل المناورة السياسية، أو أنه بمثابة كلامٍ يُقال للتصعيد السياسي عندما تحتدم الخلافات والسجالات.

اليوم باتت الصورة أوضح. إنها المحكمة فعلاً، ومعظم ما جرى ويجري في هذا البلد –وأحياناً خارجه- هدفه التخلص منها. أمين عام "حزب الله" لم يخفِ ذلك أبداً، ففي معرض رده على أحد الصحفيين الذين سألوا عن موافقة "حزب الله" على المحكمة علناً، في أولى جلسات الحوار الوطني، وفي بيان حكومة "الوحدة الوطنية" التي أعقبت اتفاق الدوحة، قال (في مؤتمره الصحفي بتاريخ 9/8/2010): "خلال نقاشات الحكومة كان هناك طرح أن نتحفظ على بند التعاون مع المحكمة الدولية وصرفنا النظر عنه، لكن موقفنا منها معروف وقديم"!.

الموقف قديم إذن، لكن الظروف لم تكن تسمح بإعلانه واضحاً (المطالبة بإلغاء المحكمة –كما جاء على لسان عضو المكتب السياسي لـ"حزب الله" محمود قماطي، أو "التجرؤ" على وصف المحكمة بـ"الإسرائيلية"!)، أما وقد تغيرت الظروف، وفرض السلاح "هيبته" على الداخل، وتراخى "العصب الاستقلالي" بفعل متغيرات عديدة، وتقلصت الغالبية النيابية بفعل خروج البعض منها (إن لم نقل انضمامه إلى فريق الثامن من آذار)، فقد وجد "حزب الله" وحلفاؤه الفرصة سانحة للانقضاض على المحكمة، وعلى كامل الفترة السياسية التي أنتجتها... بل محاكمة رموز وقيادات هذه الفترة، وزجهم في السجون!.

في ظن "حزب الله" اليوم أن "شعار": "محاكمة شهود الزور ومن يقف وراءهم" سيطيح بالمحكمة وسيعيد الزمن إلى ما قبل العام 2005، تماماً كما أطاح "شعار": "مواجهة الاستئثار في السلطة" بقواعد العمل الديمقراطي المعروف، اعتباراً من لحظة الانسحاب الأول لوزرائه من حكومة الرئيس السنيورة في العام 2005.

المقايضة ما تزال نفسها؛ إما الحقيقة وإما السلم الأهلي، إما المحكمة وإما الاستقرار، ولا مجال لنيل الاثنين معاً، فهذا كثير على الشعب اللبناني الصابر!. ولأن هذا هو واقع الحال فعلاً، فقد بتنا نسمع مواقف كثيرة تنبه من "خطر المحكمة"؛ خصومها يقولون هذا على سبيل التهديد، وبعض مؤيديها يقولون ذلك على سبيل التخوف. وأمام هذه المعادلة الصعبة بات كثير من الناس يشعرون بأن الحقيقة –ومن باب أولى العدالة- عبء ثقيل لا يحمله البلد... فهل هذا التوجه في محله فعلاً؟!

1- لقد أدى هذا التفكير –بالذات- إلى تنازلات متناسلة، يجر بعضها بعضاً (في غير قضية وملف)، بغية الحفاظ على الدولة والسلم الأهلي، لكن الواقع -المعروف للجميع اليوم- أن هذه التسويات –على عكس الغاية النبيلة منها- قد أدت إلى ضياع ما تسعى الحفاظ عليه، إذ لم تعد ثمة دولة محترمة أصلاً؛ لا سلطة تنفيذية، ولا تشريعية، ولا قضائية، ولا حتى أمنية أو عسكرية ( حماية جميل السيد بالقوة واستباحة المطار نموذجاً). فضلاً عن أن فرض فريق سياسي لشروطه دائماً، ورضوخ الفريق الآخر –حفاظاً على الدولة والسلم الأهلي-، قد راكم الشعور بالقهر لدى فريق من اللبنانيين، ما أطاح بروح العيش المشترك في التفكير الطوائفي بشكل شبه كلي، ودفع الطوائف إلى الانغلاق على بعضها؛ الطائفة الخائفة تتحين الفرصة للتغيير، والطائفة المُخيفة تريد المزيد من السيطرة... ما يعني أن منطق التنازلات للحفاظ على الوطن قد أطاح فعلياً بالوطن، لأن المتنازَل له لم "يقبض" ما حصل عليه إلا على أساس أن قوته هي التي فرضت، وأن بمقدوره "قبض" المزيد!.

2- لنفترض الآن؛ أن سياسة التنازلات استمرت فيما خص المحكمة الدولية، وصولاً إلى الإطاحة بها–بغض النظر عن إمكانية تحقيق ذلك-، فمن يضمن أن تؤدي "مقولة عفا الله عما مضى" إلى وقف مسلسل الاغتيالات السياسية؟!، ومن يجرؤ بعد الآن على فتح تحقيق جدي في أي عملية اغتيال سياسي تقع في لبنان -بقطع النظر على من يقع الاغتيال-؟!، ثم من يضمن ألا يقوم القتلة الذين اغتالوا الرئيس الحريري باستهداف نجله، طالما أنه يمثّل امتداداً لمسيرة والده؟! ألم يكن هدف الاغتيال "قتل نهج الشهيد" كما يقول الجميع علناً؟!... أي رسالة خاطئة نعطيها للقتلة إن تنازلنا عن الحقيقة والعدالة؟! وأي بلد يبقى إن خضع قادته لمنطق القتلة، تحت طائلة الاغتيال وتجهيل الفاعل؟!.

3- لنتساءل جميعنا؛ هل يجوز لنا –نحن اللبنانيين-، منطقاً وأخلاقاً، أن نتخلى عن المحكمة بعد خمس سنوات من العذاب، دفعنا ثمنها من دمائنا، وجيوبنا، واستقرارنا، وقد سقط على الطريق شهداء دفعوا حياتهم على أمل أن تستقر حياتنا الأمنية ويتوقف مسلسل القتل السياسي؟!. ماذا نقول لهؤلاء، وماذا نقول لأنفسنا عندما رفعنا شعار الحقيقة والعدالة؟! وهل يجوز لنا أن نترك هذا الوطن نهباً لكل مستقوٍ، لكي يأخذه ويأخذنا معه إلى الهاوية؟! وهل يبرر الخوف من حر السلاح الآن، أن ننزل بأقدامنا إلى أتون نارٍ تلظّى في الغد القريب؟!.

4- على رغم أن أحداً لم يتهم فريقاً لبنانياً بالاغتيال، فإن حزباً بعينه يتهم نفسه يوماً بعد يوم في معرض "رمي" التهمة على العدو؛ "إسرائيل". والسؤال الذي يطرح نفسه؛ لِمَ يخشى البريء من المحكمة والعدالة؟! أليس أفضل ألف مرة لهذا الحزب أن تأتي براءته من خلال محكمة دولية تلتزم أرقى معايير العدالة، من أن يسعى للإطاحة بها قبل أن تبدأ عملها؟! ثم على فرض أنه نجح بالإطاحة بالمحكمة، فأي انطباع سيتركه عن الآخرين؛ أتراه انطباع بالبراءة أم الإدانة؟! وكيف يمكن أن يزيل هذا الانطباع لاحقاً من النفوس؟ ألا يكفي ضمانةً –لأي فريق لبناني- أن يقول اللبنانيون مجتمعين إننا نرفض أي قرار صادر عن المحكمة غير مبني على أدلة قاطعة؟!.

5- خلال مرحلة التحقيقات الأولى، أدلى عدد من الشهود بإفاداتٍ ثم تراجعوا عنها علناً!، أو أدلوا بنقيضها في وقت لاحق، هؤلاء حاولوا تضليل التحقيق، وحاولوا قتل الشهداء مرة ثانية، وأساؤوا لعائلاتهم- كما قال الرئيس سعد الحريري لصحيفة الشرق الأوسط تماماً- أليس من حق اللبنانيين أن يعرفوا من هم هؤلاء المزورين، ومن دفعهم إلى هذا الفعل؟! أليس هذا هو المضمون المتصور لما يحكى عن "شهود الزور"؟! فكيف يستوي إذن طلب محاكمة المزورين والمطالبة بالإطاحة بالمحكمة الدولية؟ على أي أساس نحاكم هؤلاء إذا كانت ملفات هذه القضية في عهدة المحكمة الدولية، وهي صاحبة الاختصاص فيه- بدليل طلب جميل السيد نفسه هذه الوثائق من المحكمة الدولية لا من سواها-؟ وكيف نعرفهم ونعرف إفاداتهم وما أدلوا به أولاً، وما تراجعوا عنه تالياً؟ كيف نعرف صدقهم من كذبهم إذا كان أساس القضية -أي من قتل الرئيس الحريري وباقي الشهداء – غير معلوم بعد وغير متهم بدليل قاطع؟!.

6- أخيراً، إذا كان ثمة اتفاقٌ أجمع عليه اللبنانيون، منذ لحظة طرحه، في أول طاولة حوار وطني، قبل نحو خمس سنوات، ثم توالى التعبير عنه في البيانات الحكومية اللاحقة، ثم أُعيد الإجماع عليه في "حكومة الوحدة الوطنية"، فضلاً عن تعلقه بشهداء للوطن... إذا كان يمكن نقض ذلك كله بقول واحد، وبدعوى أننا ارتأينا ألا نعترض لكن "موقفنا قديم ومعروف"، فأي قيمة للمواثيق السياسية بعد اليوم؟! وأي ثقة يمكن أن تُبنى بين اللبنانيين إذا كانت أرقى العهود والمواثيق، بعد الدستور، تـُعامل بهذه الطريقة؟!

لهذا كله، وانتصاراً للشهداء وللسلم الأهلي، ومن أجل هذا الوطن المعذب، يجب التمسك بالمحكمة الدولية، مهما غلت التضحيات... فبعد آلام المخاض فرحة الولادة، وبعد تعب المسير إنجاز الوصول، ومن يرجع في آخر الطريق لا إنجازاً يحقق ولا تعباً يخفف.


 
          تابع أيضا : مواضيع ذات صلة  

  محيط البوك التعليقات : 0 تعليق

  محيط البوك إضافة تعليق


5 + 7 =

/300
  صورة البلوك اعلانك يحقق أهدافك
  صورة البلوك مكتبة الصوتيات الاسلامية
  صورة البلوك السيرة النبوية وحياة الصحابة

  صورة البلوك google_ashefaa

  صورة البلوك صور الاعشاب

  صورة البلوك الاطباق

  صورة البلوك جديد دليل المواقع