المقاومة : إشكالية لبنانية ولو جاءها المؤيديون من القارات الست!

  محيط البوك الخبر

قسم الاخبار
  المقاومة : إشكالية لبنانية ولو جاءها المؤيديون من القارات الست!     
 

الكاتب : شبكة الشفاء    

 
 

 الزوار : 2380 |  الإضافة : 2010-01-21

 

الخطب المكتوبة والمقالات

 



انعقد في بيروت مؤخراً "الملتقى العربي الدولي لدعم المقاومة" بمشاركة "القارات الست"، وفق ما أُعلن. المؤتمر الذي نظّمه "حزب الله" بشكل أساس، واستمر ثلاثة أيام متوالية، حفل بمشاركة مئات الشخصيات من خارج لبنان، وقد اجمعت كلها على الإشادة بـ"المقاومة" ودورها،

"المقاومة" إشكالية لبنانية ولو جاءها المؤيديون من القارات الست!

فادي شامية

الخميس,21 كانون الثاني 2010 الموافق 6 صفر 1431 هـ

انعقد في بيروت مؤخراً "الملتقى العربي الدولي لدعم المقاومة" بمشاركة "القارات الست"، وفق ما أُعلن. المؤتمر الذي نظّمه "حزب الله" بشكل أساس، واستمر ثلاثة أيام متوالية، حفل بمشاركة مئات الشخصيات من خارج لبنان، وقد اجمعت كلها على الإشادة بـ"المقاومة" ودورها، سواء في لبنان أو فلسطين أو العراق أو أفغانستان، وهي إشادات محقة، بل واجبة من حيث المبدأ.

ومع أن "المقاومة" في هذه البلدان المذكورة موضع فخر أكيد لدى غالبية أبناء الأمتين العربية والإسلامية، ومع أن تضحياتها كبيرة، وإنجازاتها عظيمة، ومع أن احتشاد هذا العدد من الشخصيات في بيروت، هدفه القول إن "العالم الحر" كله يؤيد "المقاومة"، لا سيما اللبنانية – باعتبار أن الجهة المنظمة لبنانية- فإن ذلك كله لا يلغي واقع أن "المقاومة" في لبنان باتت موضوعاً إشكالياً، اعتباراً من العام 2000، من عدة وجوه، وأنها وضعت وسلاحها على "طاولة الحوار الوطني"، تحت عنوان بحث الاستراتيجية الدفاعية، على هذا الأساس.

وبالتأكيد فإن الإشكاليات التي تثيرها "المقاومة" في لبنان لا تعني على الإطلاق أنها لم تكن ظاهرة مشرّفة في التاريخ اللبناني، لكن ذلك لا يمنع من رؤية الحقائق المتعلقة بها بشكل موضوعي:

أولاً: من حيث المبدأ فإنه حيثما وُجد الاحتلال وجبت "المقاومة"، فـ "المقاومة" في التعريف هي النضال ضد عدو محتل لأرض الوطن، وهذا يعني أنه عندما تعجز القوى الرسمية عن صد العدوان، ويقع الوطن تحت الاحتلال، تستولد "المقاومة" نفسها من رحم الهزيمة، وتستلهم شرعيتها من حق الدفاع المشروع، دون حاجة إلى قرار رسمي من أي سلطة على وجه الأرض، وهذا ما حصل في لبنان منذ العام 1982 وحتى العام 2000. ولكن هذا الواقع تغيّر بعد إجبار "المقاومة" العدو الإسرائيلي على تطبيق القرار 425 (موضوع مزارع شبعا يتعلق بالقرار 242، ويستوجب ترسيماً للحدود بين لبنان وسوريا)، الأمر الذي يعني أن الكيان المسمى "مقاومة" لم يعد يستند إلى سبب وجوده وهو التحرير، وإن كان الوطن- أي وطن- يبقى بحاجة إلى الدفاع عن نفسه حتى لا يتكرر العدوان، ومن الأفضل له الاستفادة من القدرات والإنجازات التي حققها مقاوموه الأبطال. وهذا ما ينطبق على "المقاومة" اللبنانية دوناً عن المقاومة الفلسطينية التي عليها أن تواصل مشوارها الطويل لاستعادة الأرض.

ثانياً: خلافاً للمقاومات الأخرى في المنطقة، فإن فترة الوصاية السورية على لبنان قد فرضت أن تكون "المقاومة" مقاومة حزبٍ بعينه، وقد تحوّل سلاح هذا الحزب مع الوقت إلى سلاح طائفة بعينها، وذلك كله في بلد فسيفسائي التركيب، الأمر الذي أخلّ بموازين القوى بين الطوائف اللبنانية التي يقوم عليها البلد. وثمة العديد من الوقائع الميدانية التي تثبت أن "حزب الله" لم يكن ليرضى أن تشاركه في المقاومة أية مجموعة لبنانية أخرى، لا تخضع في قرارها له، قبل العام 2000، -وبعده أيضاً، على اعتبار أن "حزب الله" اعتبر أن "المقاومة" باقية ما دامت مزارع شبعا محتلة وللبنان أسرى في السجون الإسرائيلية-. وقد جعل هذا الواقع مصطلح "المقاومة" مرادفاً لـ "حزب الله"، دون أن تكون هذه الحصرية مستندة إلى أي أساس قانوني أو سياسي. (لاحظ أنه إذا أطلق مصطلح "المقاومة" في فلسطين أو العراق أو أفغانستان فإن ذلك لا يعني فصيلاً محدداً، خلافاً للبنان).

ثالثاً: خلافاً للغالبية الساحقة من دول العالم فإن لبنان يحظى بنظام سياسي فريد، لا يقوم على أساس الأقلية والأكثرية وحدها، وإنما على مراعاة التوافق (وقد تطوّر مفهوم النظام السياسي بعد اتفاق الدوحة 2008، ليصبح مجموعة "فيتوات" تملكها الطوائف المختلفة) لكن – ويا للعجب- ثمة موضوع هام واحد لا يخضع للتوافق أو نظرية "الأكثرية الميثاقية"، ولا حتى الأكثرية الانتخابية أو العددية، باعتباره "مبدأاً" – وفق تعبير الشيخ نعيم قاسم- هو موضوع "المقاومة"، التي لا تحظى اليوم بتوافق الطوائف اللبنانية، ومع ذلك ثمة أمر واقع مفروض على المعترضين، وهو بقاؤها لـ "الدفاع عن لبنان"، وفق رؤية القائمين عليها، على أن يكون للمعترضين الحق في إبداء "ملاحظاتهم" على "طاولة الحوار الوطني"، الموجودة بصيغ متعددة منذ العام 2005... وحتى يتم الاتفاق على صيغة دفاعية –وهو أمر يبدو متعذراً بالمعطيات الحالية- يبقى الوضع على ما هو عليه، بتوافق أو بدون توافق!.

رابعاً: لو سلّمنا جدلاً أن "المقاومة" في لبنان –كشخصية اعتبارية- يجب أن تبقى لحين تحرير مزارع شبعا، أو لأي سبب كان (عودة الفلسطينيين إلى أرضهم- انتهاء الصراع في المنطقة... أو حتى للأبد) فإن ثمة إشكالية تتعلق بإدارة هذه "المقاومة" وحق الإمرة فيها، إذ ليس في الدستور اللبناني وجود لكيان اعتباري يديره حزب ما، دفاعاً عن لبنان، وباسم اللبنانيين، لا سيما أن هذا الحزب يرتبط واقعياً بدولة إقليمية هي إيران، وهو يدين لمرجعيتها بولاية دينية وسياسية. ولا يمكن التذرع هنا بالبيان الوزاري الأخير –وما سبقه من بيانات-، باعتباره برنامج عملٍ للحكومة، وهو ينطلق من المعطيات الواقعية، تماماً كما هي حال "طاولة الحوار الوطني"، التي لا وجود دستوري لها، ولكنها موضع إشارة في البيانات الوزارية التي تلت نشوءها، نظراً للدور الذي يعوّله اللبنانيون عليها في إقرار "استراتيجة دفاعية" يتفق عليها اللبنانيون.

خامساً: مع بالغ الاحترام للسلاح الذي قاوم وحرر، فإنه لا ضمانة فعلية للبنانيين من أن هذا السلاح لا يستخدم في الداخل، إذ رغم كل التطمينات التي أعطيت من قبل، فقد استُعمل هذا السلاح للاعتداء على آمنين في أيار 2008، وعلى أساس مذهبي، وما يسمى "السرايا اللبنانية للدفاع" ليست إلا ملحقات بـ "حزب الله"، هدفها الداخل اللبناني، وفق حسابات من يديرها. كما أنه من قبيل السذاجة أن يدّعي أحد اليوم أن وجود السلاح بيد فئة من اللبنانيين لا تأثير فعلياً له على المعادلات الداخلية اللبنانية، فلطالما كانت هيبة السلاح استعمالاً ضمنياً له لدى الأفراد أو الجماعات، وثمة العديد من الشواهد التي امتنعت فيها أجهزة الدولة من فرض القانون، والتراضي بـ"التي هي أحسن" نتيجة هذا الواقع، ما يعني أن إخلالاً بمبدأ التساوي بين المواطنين واقع اليوم في لبنان نتيجة "المقاومة"، فضلاً عن الحساسيات التي يثيرها هذا الواقع، على صعيد الفتنة المذهبية، سيما أن السلاح بيد فئات لبنانية أخرى راغبة بمقاتلة "إسرائيل" يعتبر إرهاباً يوجب المحاكمة!.

سادساً: لقد تحوّل لبنان إلى ساحة إقليمية بفعل ما تقدّم، وثمة استيلاد لمبررات عديدة ودائمة للتأكيد على بقاء "المقاومة" للأبد، بل إن ثمة من بات يعلن بصراحة أن "المقاومة ربما لن تنتظر دورها وستهاجم إسرائيل إذا ضُربت إيران"ما يعني أن مجموعة من اللبنانيين – وهي تجد من يبرر لها لأسباب سياسية وشخصية- قادرة في أي وقت على جر البلد كله إلى أتون مواجهة لا مصلحة له بها. فضلاً عن أن هذا الواقع يفتح المجال أمام قوى أخرى تتخذ من لبنان قواعد لها، لأهداف لا علاقة لها بالشعارات التي ترفها، وأحد مسؤوليها يقول اليوم إن تنظيمه باقٍ بسلاحه خارج المخيمات، خلافاً لإجماع "طاولة الحوار الوطني"، بنسختها الأولى، التي قررت نزع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات منذ العام 2005.

وإذا كان الشيء بالشيء يذكر، فإنه ينبغي الإشارة إلى أن النظام السوري، حليف "حزب الله"، أرضه محتلة منذ العام 1967، ولا "مقاومة" عنده، وأن كل المقاومات السابقة انتهت بانخراطها في الدولة ولم تبق كياناً مستقلاً بعد التحرير، سواء في فرنسا أو يوغسلافيا (ضد النازية)، أو فييتنام (ضد الاحتلال الأميركي)...، وأن الدول كلها، التي أنشأت قواتٍ للدفاع، قد جعلت إمرتها بيد الدولة، ولا يشذ عن ذلك النظام السوري الذي أنشأ حرساً وطنياً بقيادة محمد العلي -ثم ألغاه، ولا النظام العراقي الذي أنشأ بداية حرساً يتبع لحزب "البعث" بقيادة منذر الونداري، فاصطدم بالجيش، ما أطاح بالنظام، وفتح المجال لاحقاً لصدام حسين ليستلم الحكم، حيث شكّل الأخير جيشاً شعبياً أسماه جيش "القدس"، لكنه جعل إمرته هذه المرة بيد وزارة الدفاع. ولا تشذ عن ذلك أيضاً مصر-عبد الناصر، الذي أنشأ جيشاً للفدائيين جعله بإمرة وزارة الدفاع. بل لا تشذ عن ذلك قوات التعبئة الإيرانية (الباسيج)، الموضوعة تحت إمرة الحرس الثوري الإيراني (الباسدران) منذ العام 1980، الخاضع بدوره لوزارة الدفاع، أي للمرشد، بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة.

إزاء هذا الواقع كله، وبغض النظر عن موجبات القرار 1701، وما تثيره المقاومة من إشكالات، فإن هذا الواقع يجب أن لا ينسينا إنجازها الكبير في العام 2000، وصمودها البطولي في العام 2006، وأن أبناءها ومؤيديها لبنانيون، وأن لا سبيل للتفاهم على هذا الموضوع إلا بالحوار، مهما طال زمنه، فلعل لحظة إقليمية أو حدث يغير كثيراً من القناعات.

أما لو حدث عدوان على لبنان، وبغض النظر عن مبرراته، فإن بحث كل ما سبق، يصبح مؤجلاً، وعلى اللبنانيين التضامن في الدفاع عن بلدهم، وفي حال احتلال أي منطقة لبنانية فالواجب الوطني والطبيعي هو مقاومة أهل هذه المنطقة وبقية المناطق للاحتلال، ولو بسكاكين المنازل... وإنما كانت الملاحظات السابقة للقول إنه لا يجوز تحت عنوان الإشادة بالمقاومة في المنطقة، تجاوز كثير من الحساسيات والإشكاليات التي تثيرها المقاومة اللبنانية.


 
          تابع أيضا : مواضيع ذات صلة  

  محيط البوك التعليقات : 0 تعليق

  محيط البوك إضافة تعليق


4 + 1 =

/300
  صورة البلوك اعلانك يحقق أهدافك
  صورة البلوك مكتبة الصوتيات الاسلامية
  صورة البلوك السيرة النبوية وحياة الصحابة

  صورة البلوك google_ashefaa

  صورة البلوك صور الاعشاب

  صورة البلوك الاطباق

  صورة البلوك جديد دليل المواقع